في هذه المسألة في كتاب «نهاية المرام في علم الكلام» وكتاب «المناهج».
أقول : المعاني هي مبادي المحمولات ، كالقدرة. يتفرع (١) منها قادر ويحمل على الذات وكالعلم ينتزع منه عالم فيحمل على الذات الى غير ذلك فهل هذه المبادي أمور موجودة قائمة بالذات مغايرة لها ، أو غير ذلك.
اذا عرفت ذلك فنقول : ذهبت الاشاعرة الى أن الله تعالى يوصف بأنه قادر عالم حي وغيرها من صفاته ، لاجل اختصاص ذاته بالعلم والقدرة والحياة وغيرها ، وهي معان قديمة حالة في ذاته ، والقادرية والعالمية أعني التعلق بالمقدور والمعلوم عند نفاة الاحوال منهم هي نفس القدرة والعلم والحياة ، وعند مثبتي الحال منهم هي أحوال معللة بتلك المعاني.
وذهب أبو هاشم وأتباعه الى أنه تعالى يوصف بأنه قادر عالم حي ، لاجل اختصاص ذاته بأحوال هى القادرية والعالمية والحيية والموجودية ، والحال عندهم قد عرفت أنها صفة لموجود لا يوصف بالوجود ولا بالعدم.
وذهبت نفاة الاحوال من المعتزلة والحكماء الى أنه تعالى قادر لذاته عالم لذاته حي لذاته ، لا لاجل المعاني والاحوال. والعلم والقدرة والحياة هي نفس حقيقته المقدسة في الخارج ، ومغايرة لها بحسب الاعتبار ، ومعنى ذلك أن مقتضيات هذه الصفات ، أعنى التمكن من الايجاد بالنسبة الى القدرة ، والظهور والكشف بالنسبة الى العلم ، صادرة عن ذاته لاقتضاء ذاته إياها ، لا بواسطة قيام تلك الصفات بذاته ، فللذات باعتبار صدور الاشياء عنها قدرة ، وباعتبار ظهور الاشياء لها علم الى غير ذلك. وذلك لان الذوات على قسمين : منها ما يقتضي الامور المذكورة لا لقيام أمر آخر ، ومنها ليس كذلك.
ولنوضح لذلك مثالا محسوسا ، وهو أن النور اذا وقع على الجدار مثلا
__________________
(١) فى «ن» : ينتزع.