أنه مطلق. هذا خلف وفائدة قولنا «الواجب المطلق» احتراز عن الواجب المقيد ، كالزكاة فان وجوبها مقيد بحصول النصاب ، واذا لم يحصل النصاب لم يجب وقولنا «وكان مقدورا» احتراز عما لا يكون مقدورا للمكلف ، فانه لا يجب تحصيله ، وذلك كالقدرة والآلات (١).
[كون وجوب النظر عقلى]
قال : ووجوبه عقلي ، لانه لو وجب بالسمع لزم افحام الأنبياء.
أقول : اختلف القائلون بوجوب النظر في أن الحاكم بوجوبه ما هو؟ فقال الاشعري: انه السمع ، لقوله تعالى (انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٢). ونحوه. وقالت المعتزلة والمحققون : انه العقل ، واختاره المصنف.
واستدل عليه : بأنه لو لم يكن عقليا لزم افحام الأنبياء عليهمالسلام ، أي انقطاعهم عن الجواب ، واللازم باطل فالملزوم مثله. بيان الملازمة : ان النبي صلىاللهعليهوآله اذا قال للمكلف : اتبعني ، يقول : لا أتبعك الا بعد أن أعرف صدقك ، ولا أعرف صدقك الا بالنظر ، لانه ليس ضروريا ، ولا أنظر لاني لم أعرف وجوبه الا بقولك ، وقولك ليس بحجة ، لان كونه حجة يتوقف على صدقه فيدور ، فحينئذ ينقطع النبي صلىاللهعليهوآله. وأما اذا قلنا بوجوبه عقلا فلا يلزم ذلك ، لان المكلف اذا قال لا يجب عليّ النظر الا بقولك يقول النبي صلىاللهعليهوآله : يجب عليك عقلا ، لانه دافع الخوف المظنون ، وكلما كان دافعا للخوف فهو واجب.
وأما بطلان اللازم : فلان الأنبياء عليهمالسلام انما أرسلوا حججا على
__________________
(١) فى «ن» : والآلة.
(٢) سورة يونس : ١٠١.