[مقدمة مؤلف الكتاب]
أما بعد : فهذا كتاب (نهج المسترشدين في أصول الدين) لخصت فيه مبادئ القواعد الكلامية ، ورءوس المطالب الاصولية ، نفع الله تعالى به طلاب اليقين انه خير موفق ومعين.
اجابة لسؤال الولد العزيز (محمد) أيده الله تعالى بعنايته ، ووفقه للخير ، وملازمة طاعته ، وأيده بالعنايات الربانية ، وأسعده بالالطاف الالهية.
أقول : الحمد هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل ، فالوصف شامل للحمد (١) وغيره وتقييده بالجميل خرج غير الجميل من الذم والهجاء ، وقولنا على جهة التعظيم والتبجيل خرج به الاستهزاء.
والمراد بالجميل هو أن يكون اختياريا ، أي صادرا من الفاعل بقدرته واختياره ، لا أن يكون طبيعيا ، وبذلك يقع الفرق بينه وبين المدح ، اذ المدح يقال للاختياري وغيره ، كما يمدح على حسنه وجودة نسبه.
لا كما قال الزمخشري : انهما أخوان ، وذلك لان جعلهما أخوين يفيد تأكيدا ، وعلى ما قلناه يكون تأسيسا ، وهو أولى من التأكيد ، كما قرر في الاصول.
واللام لا يجوز أن تكون عهدية ، لعدم تقدم معهود ذكري ، كقوله تعالى (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) (٢). ولا يحسن فرض معهود ذهني ، لانه يكون منافيا للبلاغة ، وعموم اثبات الحمد لله. ولا يجوز أن
__________________
(١) وفي «ن» للجميل.
(٢) سورة المزمل : ١٦.