بيان الشرطية : هو أن ما لأجله صح أن يكون ذلك البعض مقدورا هو الامكان ، لاستحالة كون الواجب والممتنع مقدورا عليهما ، والامكان وصف مشترك بين ما عدا ذاته المقدسة لما سيأتي من دليل ، وحده الواجب ، فيكون الكل مشتركا في صحة المقدورية ، فلو كان قادرا على البعض دون البعض لكان المخصص :
اما ذات المقدور وهو باطل ، لما بينا من أن المقتضي للمقدورية مشترك ، فتكون المقدورية مشتركة ، أو ذات الواجب تعالى وهو باطل أيضا ، لكونها مجردة متساوية [بالنسبة] الى الجميع ، فاذا انتفى المخصص بالنسبة الى المقدور وبالنسبة الى ذاته تعالى وجب أن يكون قادرا على الكل ، والا لزم التخصيص من غير مخصص وهو محال.
[مذهب النظام على عدم قدرته تعالى على القبيح وجوابه]
قال : وخالف النظام في ذلك ، حيث منع من قدرته تعالى على القبيح ، لانه يستلزم الجهل أو الحاجة ، وهما منتفيان في حقه تعالى.
والجواب : أنهما لازمان للوقوع لا القدرة ، فالامتناع من حيث الحكمة.
أقول : لما أثبت عموم قدرته شرع في بيان المذاهب الباطلة في هذا الباب وذكر حججها ونسخها ، فمنها مذهب النظام وهو : أن الله تعالى لا قدرة (١) له على القبيح ، واستدل عليه بأنه لو كان قادرا على القبيح لزم كونه جاهلا أو محتاجا ، واللازم محال بقسميه فكذا الملزوم.
بيان الملازمة : أنه لو صح قدرته عليه لكان ممكنا بالنسبة إليه ، والممكن لا يلزم من فرض وقوعه محال. فلنفرض ذلك القبيح واقعا ، فاما أن يكون عالما بقبحه أولا.
__________________
(١) فى «ن» : لا يقدر.