أن صفاته نفسية ، فلما يأتي من كونها نفس ذاته ومعلولة (١) لذاته ، وأما أنها كلما صحت وجبت ، فلانها لو لم تكن كذلك لتوقف على الغير ، فلا تكون ذاتية.
الثاني : انه اذا صح أن يعلم كل معلوم لو لم يجب أن يعلم كل معلوم لكان اختصاص علمه بالبعض دون البعض الاخر ترجيحا من غير مرجح وهو محال. وأما حقيقة المقدم فلانه تعالى حي ، وكل حي يصح أن يعلم كل معلوم. أما الصغرى فستأتي ، وأما الكبرى فلان معنى الحي هو الذي لا يستحيل أن يقدر ويعلم ، ونسبة هذا الحكم الى كل ما يصح أن يعلم واحدة.
[دليل اثبات العلم بالجزئيات]
قال : واعلم أن اضافة العلم الى المعلوم كاضافة القدرة الى المقدور ، فكما لا تعدم القدرة بعدم المقدور المعين كذلك العلم. وانما الذي يعدم الاضافة إليهما ، وتلك أمر اعتباري لا صفة حقيقية.
اقول : هذا اشارة الى جواب حجة من منع من علمه تعالى بالجزئيات ، وتحرير البحث هنا أن نقول : العلم بالجزئي يقع على وجهين :
أحدهما أن يعلم أنه وقع أو سيقع أو هو واقع الآن.
الثاني أن يعلم مقرونا بسببه وبالزمان ، لا من حيث أنه وقع أو سيقع ، مثل العلم بأنه اذا وصلت الشمس الى حد معين يقع التوسط بينها وبين القمر للارض ويحصل العلم بالخسوف ، وهذا العلم واقع قبل وجود الخسوف ومعه وبعده ، ولا يعلم أنه وقع الخسوف أو سيقع أو هو واقع الآن ، ولا خلاف أنه تعالى عالم
__________________
(١) المعلولية بالمجاز أى لا يفتقر الى غير الذات ولا يلزم من ذلك افتقارها في وجودها الى الذات ، لامتناع الدور والتسلسل وحلول الحوادث في الذات وخلوها عن الكمال «منه».