الثاني : أنه ينقض عكسا بالمنهيات ، فانها مكروهة لا مرادة ، واستعمال الإرادة في الترك خلاف الاصطلاح.
الثالث : أن نكاح الحليلة وأكل لحم الهدي والاضحية مشتهى طبعا وليس فيه مشقة ، فيخرج ، وكذلك ما لا مشقة فيه أصلا كتسبيحة واحدة.
الرابع : أن الاعلام شرط لحسن التكليف لا قيد في ماهيته ، فلا وجه لذكره واهمال باقي شرائطه.
فالاولى أن يقال : هو بعث واجب الطاعة ابتداءً على من شأنه المشقة جنسا من حيث هو مشقة كذلك ، فاعتبرنا المشقة في جنسه ليدخل التسبيحة الواحدة واعتبرنا الحيثية ليدخل الهدي ونكاح الحليلة.
[كون التكليف حسنا]
قال : وهو حسن ، لانه من فعله تعالى. ووجه حسنه ليس نفعا عائدا إليه تعالى ولا الى غيره ، لقبح تكليف شخص لنفع غيره ، ولا دفع ضرر عن المكلف ولا جلب نفع إليه لتحققه في حق الكافر مع انتفاء الغرض. فتعين أن يكون للتعريض لحصول النفع الذي لا يمكن الابتداء به.
أقول : لما بحث (١) عن ماهية التكليف شرع في أحكامه فقال : انه حسن لانه فعل الله تعالى ، وكل أفعاله حسنة. أما الصغرى فلانه الفرض ، والكبرى تقدمت وهو مذهب المعتزلة خلافا للبراهمة.
وأما وجه حسنه فنقول : التكليف فعل الله تعالى ، وكل أفعاله لا بد لها من غرض ، فالتكليف لا بد له من غرض. والصغرى ظاهرة ، وأما الكبرى فلانه لو لم يكن فعله تعالى لغرض لكان عبثا ، والعبث قبيح.
__________________
(١) فى «ن» فرغ.