الكمال ناشئة عن ذاته ، فتكون موجودة معها ، فيكون ذلك القائم موجودا أزلا لازلية الذات ، لكنه فرض حادثا ، فلا يكون موجودا أزلا ، فيكون موجودا قبل وجوده ، هذا خلف. وأما الثاني فلاستلزامه افتقاره تعالى الى الغير ، فلا يكون واجبا ، هذا خلف.
[استحالة قيام اللذة والالم بذاته تعالى]
قال : ويستحيل قيام اللذة والالم بذاته تعالى : أما الالم فلانه ادراك المنافي ولا منافي له تعالى. وأما اللذة فلانها لو كانت قديمة لزم وجود الملتذ به قبل وجوده ، لقدم القدرة والداعي. وان كانت حادثة كانت محلا للحوادث ، وهو محال ، وللاجماع.
أقول : نذكر في هذا الباب حاصل ما ذكره المتكلمون ، ثم ما ذكره الفلاسفة ثم تقرير كلام المصنف.
أمّا الاول فنقول : ذهب المتكلمون ـ الّا القليل منهم ـ الى استحالة اتصافه تعالى بهذين الوصفين ، أما أولا فلامتناع معناهما في حقه تعالى ، وذلك لانهم فسروا الالم بأنه حالة حاصلة عن تغير المزاج الى الفساد ، واللذة بأنها حالة حاصلة عن تغير المزاج الى الاعتدال ، وتلك الحالة منهم من حكم بأنها غنية عن التعريف لكونها وجدانية.
ومنهم من فسرها بانها ادراك متعلق الشهوة في اللذة ، وادراك متعلق النفرة في الالم ، وهو قول جمهور المعتزلة ، وانكروا كونهما غير مزاجيين ، وحيث أن الباري تعالى منزه عن المزاج ، فهو منزه عن توابعه. وأما ثانيا فلعدم الاذن الشرعي في ذلك.
وأما الثاني فنقول : البحث هنا يتوقف على مقدمات :