الاولى : فسر الشيخ في الاشارات اللذة : بأنها ادراك ونيل لما هو خير وكمال من حيث هو خير وكمال بالنسبة الى المدرك والنائل. والالم : بأنه ادراك ونيل لما هو شر وآفة من حيث هو شر وآفة بالنسبة الى المدرك والنائل فشرط مع الادراك النيل ، لان الادراك من دون النيل لا يكون لذة أيضا ، كمن أدرك صورة شخصية (١) ولم ينلها. والنيل وحده لا يكون لذة أيضا ، كمن نال محبوبه ولم يشعر به ، وقيده بالحيثية لجواز أن يكون للمدرك جهتان : احداهما خير وكمال دون الاخرى ، فادراك غير جهة الخير ليس لذة وبالعكس.
الثانية : كل قوة من القوى الجسمانية الظاهرة والباطنة لها كمال يخصها ولذة هي ادراكها لذلك الكمال ، فان لذة الغضب الظفر ، ولذة الوهم الرجاء ولذة الحفظ التذكر للامور الموافقة الماضية ، ولذة الشهوة أن تتأدى إليها الكيفية المحسوسة الملائمة ، ولذة البصر ادراك الصورة المحبوبة المستحسنة ولذة السمع ادراكه للصوت الطيب ، ولذة الشم ادراك الرائحة الطيبة والذوق الطعم الملائم.
وحيث أن الحال كذلك ، فالقوة العاقلة لها كمال ولذة هي ادراكها للمعقولات الكلية ، وانكار ذلك مكابرة ، فان العلماء الراسخين في لجّة التحقيق لهم لذّات لا يختارون اللذات الحسية بأجمعها على أقل مسألة من مسائلها.
الثالثة : أن هذه القوى المذكورة مشتركة في [أن] ادراكها لملائمها لذّة ، الا أنها متباينة باعتبار آخر ، وهو أن كلما كان كماله أفضل وأتم وأكثر ، أو أدوم ، أو أوصل إليه وأحصل له ، أو أنه في نفسه أكمل فعلا وأفضل ، أو أشد
__________________
(١) فى «ن» : مستحسنة.