لاستحالة انفعاله وصيرورته جزءا من غيره.
والقسم الثاني قال به في حقه تعالى طائفة من الحكماء بعد المعلم الاول منهم فرفريوس فانهم قالوا : ان الله تعالى اذا عقل شيئا اتحدت ذاته بذلك الشيء المعقول. ورد عليهم ابن سينا في أكثر كتبه.
قالت النصارى أيضا به في حقه تعالى ، حيث قالوا : اتحدت الاقانيم الثلاثة : اقنوم الأب والابن وروح القدس ، واتحد ناسوت المسيح باللاهوت.
وقال جمع من المتصوفة : اذا وصل العارف نهاية مراتبه انتفت (١) هويته وصار الموجود هو الله تعالى وحده ، وتسمى هذه المرتبة عندهم ب «الفناء في التوحيد».
وهؤلاء الطوائف ان أرادوا بالاتحاد المذكور في حقه تعالى غير المعنى الذي أشرنا إليه ، فلا بد من افادته لننظر فيه ، وان كان المراد ما ذكرناه فهو محال لوجهين :
الاول : أن الضرورة قاضية ببطلان الاتحاد بالمعنى المذكور.
الثاني : أن المتحدين بعد اتحادهما ان بقيا موجودين فهما اثنان لا واحد وان صارا معدومين ووجد ثالث فلا اتحاد ، بل اعدام لشيء وايجاد لآخر ، وان عدم أحدهما وبقي الاخر فلا اتحاد ، لان المعدوم لا يتحد بالموجود ، واذا بان أن الاتحاد محال في نفسه استحال اثباته له تعالى.
[كونه تعالى غنى]
قال : البحث السادس ـ في أنه تعالى غني : اذ لو احتاج ـ تعالى عن ذلك ـ لكانت الحاجة : أما في ذاته ، أو في صفاته. والقسمان باطلان ، لانا
__________________
(١) انتقلت خ ل.