اقول : الازلي هو الذي لا أول لوجوده ، والابدي هو الذي لا آخر لوجوده.
اذا تقرر هذا فنقول : لو لم يكن الباري أزليا أبديا لتطرق العدم إليه ، اما قبل وجوده على تقدير نفي الازلية ، أو بعد وجوده على تقرير نفي الابدية ، وكلما تطرق العدم إليه يكون ممكنا ، فلو لم يكن الباري أزليا وأبديا لكان ممكنا ، لكن ثبت أنه واجب الوجود ، هذا خلف.
[اثبات القدرة للبارى تعالى]
قال : البحث الثاني ـ في أنه تعالى قادر خلافا للفلاسفة :
لنا أنه لو كان موجبا لزم قدم العالم ، والتالي باطل فالمقدم مثله. بيان الشرطية : أنه ان كان موجبا لذاته استحال تأخر معلوله عنه على ما تقدم ، وان كان بشرط فذلك الشرط ان كان قديما لزم قدم العالم ، لان عند حصول العلة وشرطها يجب المعلول ، وان كان حادثا نقلنا الكلام إليه ويتسلسل ، وهو محال.
أقول : لما فرغ من اثبات الذات شرع في اثبات الصفات ، وابتدأ بالصفات الثبوتية لكونها وجودات والسلبية أعداما ، والوجود أشرف من العدم ، والاشرف مقدم على غيره ، وليس مرادنا بكونها وجودات كونها ثابتة في الخارج ، بل المراد [بها] ما تقابل السلبية ، أعم من أن تكون ثابتة في الخارج أو في الذهن.
وابتدأ بالقدرة لتوقف أصل الايجاد عليها ، فاما العلم فيتوقف بعد ايجاد الفعل على أحكامه ، ولذلك ذكر العلم بعد القدرة ، وقد عرفت من قبل تعريف القادر المختار والفاعل الموجب.
ونقول في بسطه هنا أن الفاعل اذا صدر عنه الفعل : فاما مع جواز أن لا