الخلق ، فلا يجوز أن يمكن الله تعالى المعاند من الزامهم وافحامهم ، واذا بطل اللازم بطل الملزوم وهو كون وجوبه سمعيا ، فيكون عقليا وهو المطلوب.
احتجت الاشاعرة : بأن لازم الوجوب العقلي منفي ، فيكون الوجوب العقلي منفيا ، أما الاول : فلان لازم الوجوب العقلي هو التعذيب على تركه ، وهو منفي بقوله تعالى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١) فنفي التعذيب قبل البعثة ، فلا يكون الوجوب حاصلا قبلها. وأما الثاني : فلان انتفاء اللازم موجب لانتفاء الملزوم ، والا لبطلت الملازمة بينهما.
أجابت المعتزلة عن ذلك بوجهين : الاول : ان المراد بالرسول هو العقل أي لا يعذب حتى يكمل عقله.
الثاني : المراد وما كنا معذبين بالاوامر السمعية الا بعد البعثة.
وهذان الجوابان ضعيفان ، أما الاول فلانه مجاز ، واللفظ اذا أطلق حمل على حقيقته ، وأما الثاني فلانه مخصص والاصل عدمه.
والاولى في الجواب أن يقال : نمنع كون اللازم للوجوب التعذيب لجواز العفو ، بل لازمه هو استحقاق التعذيب وهو أعم من التعذيب وعدمه (٢) ، ونفي الاخص لا يستلزم نفي الاعم ، سلمنا ذلك لكن المنفي هو التعذيب المقيد بما قبل البعثة ، وذلك لا يستلزم نفي مطلق التعذيب ، واللازم هو المطلق لا المقيد. والمراد من الآية انا لا نعذب على ترك الواجبات وفعل المحرمات الا بعد بعثة الرسل ، لان العقل لا يستقل بالشرعيات. وأما العقليات [فانه] وان استقل بها ، الا انه يستعين بالرسل ، فتفضلنا (٣) عليه بعدم التعذيب.
__________________
(١) سورة الاسراء : ١٥.
(٢) فى «ن» : وغيره.
(٣) فى «ن» : فتوصلنا.