وان كان مستفادا من الغير كالجدار المستنير بضوء الشمس سمى «نورا» ، والترقرق الذي للشيء من ذاته يسمى «شعاعا» والترقوق الذي على الشيء من غيره يسمى بريقا» كالمرأة.
وهل الضوء شرط لوجود اللون أو لرؤيته؟ المحققون على الثاني ، وأبو علي [ابن سينا] ذهب الى الاول ، واحتج عليه : بأنا لا نحس بالالوان في الظلمة ، فعدم الاحساس بها اما لعدمها وهو المطلوب ، أو لمفارقة الظلمة عن الاحساس وهو باطل لوجهين :
الاول : ان الظلمة عدم ولا شيء من العدم بمانع.
الثاني : لو كانت الظلمة مانعة من الابصار ، لمنعت من هو بعيد عن النار عن مشاهدة القريب منها ليلا ، وليس كذلك.
والجواب أن يقال : لم لا يجوز أن يكون الضوء شرط ابصار الالوان؟ فلا ترى عند عدم الضوء لسبب فقدان الشرط ، لا لسبب المعاوقة (١) ، والبعيد عن النار الجالس في الظلمة انما رأى القريب منها لوجود شرط الرؤية ، وهو وقوع الضوء عليه ثم ينعكس (٢) عليه ، فانه لو كان توسط الضوء شرطا لوجود اللون لرأي الجالس عند النار الجالس في الظلمة لتوسط الضوء ، وفي هذا العكس نظر.
وأما الظلمة : فقال جماعة من الاشاعرة : أنها صفة وجودية. وهو خطأ والا لما رأى الجالس في الظلمة الجالس في الضوء ، لحصول الظلمة بينهما.
والحق أنها عدم الضوء لا مطلقا ، بل عما من شأنه أن يكون مضيئا ، فالمجرد ليس بمظلم ، اذ ليس من شأنه الاضاءة ، فالتقابل بينها وبين الضوء
__________________
(١) فى «ن» : المعاوق.
(٢) فى «ن» : انعكس.