الصغرى فلانه يلزم أن من فعل احسانا واساءة متساويين كخمسة أجزاء وخمسة أجزاء مثلا يكون بمنزلة من لم يفعل شيئا أصلا ورأسا ، وكل ذلك باطل عقلا وهو ضروري. ونقلا كقوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١) ، (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) (٢) و «من» في الشرطية للعموم. والاول يبطل الاحباط ، والثاني يبطل الموازنة.
الثاني لو صح القول بهما لزم اجتماع الوجود والعدم ، واللازم باطل فكذا الملزوم بيان الملازمة : أن الثواب والعقاب اما أن يتنافيان أولا ، ان كان الثاني لم يحصل مطلوبكم وهو انتهاء أحدهما بالآخر ، وان كان الاول كانت المنافاة ثابتة من الطرفين ، فيكون كلا منهما مزيلا لصاحبه ، والا لزم الترجيح بلا مرجح وهو محال ، واذا كان كلا منهما مزيلا لصاحبه لزم أن يكون كلا منهما موجودا من حيث أنه مزيل ومعدوما من حيث أنه مزال ، فيكون موجودا معدوما [معا] وهو محال.
احتجت المعتزلة : بأنه لو لم يكن القول بالاحباط حقا لزم حسن ذم من أحسن الى غيره بأنواع الاحسان ، كما لو نجى ولده من الغرق ، أو عالجه حتى شفى من أنواع المرض ، أو سقاه الماء وقد أشرف على التلف من العطش ، بأن كسر له قلما أو وتدا ، واللازم باطل للنفرة من ذلك ، فيكون القول بالاحباط حقا.
والجواب : المنع من قبح ذمه ، بل هو ممدوح على احسانه مذموم على اساءته.
__________________
(١) سورة الزلزلة : ٧ ـ ٨.
(٢) سورة النساء : ١٢٣.