يردعهم عن المعاصي ويحرضهم على فعل الطاعة ، فان الناس يصيرون الى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد. وأما الكبرى فقد تقدمت.
أقول : لما فرغ من بيان مفهوم الامامة الذي هو مطلب «ما» شرع في مطلب «هل» أي هل الامامة واجبة أم لا؟ فنقول : اختلف الناس في مقامات ثلاثة :
الاول : هل هي واجبة أم لا؟ فذهب الجمهور من الناس الى وجوبها خلافا للنجدات من الخوارج والاصم وهشام الفوطي من المعتزلة ، الا أن النجدات والاصم قالا يجوز نصب الامام حال الاضطراب وعدم التناصف ، ليردعهم عن مفاسدهم ، وهشاما عكس وقال : لا يجوز نصبه حال الاضطراب ، لان ذلك قد يؤدي الى زيادة الشر وقيام الفتنة.
الثاني : هل هي واجبة عقلا أم سمعا؟ فذهب أصحابنا الامامية وأبو الحسين البصري والجاحظ ومعتزلة بغداد الى الاول ، وذهب الجبائيان والاشاعرة وأصحاب الحديث والحشوية الى الثاني.
الثالث : هل هي واجبة على الله أم على الخلق؟ أي يجب عليهم أن ينصبوا لهم رئيسا دفعا للضرر عن أنفسهم؟ فذهب أبو الحسين البصري والجاحظ والكعبي الى الثاني ، وذهب أصحابنا والاسماعيلية الى الاول.
فقالت الاسماعيلية : يجب نصبه على الله ليعلمنا معرفته ويرشدنا الى وجوه الادلة والمطالب. وأصحابنا يجب نصبه ليكون لطفا لنا في أداء الواجبات العقلية والشرعية واجتناب المقبحات ، ويكون مبنيا للشريعة حافظا لها ، وهو الحق.
وقد استدل المصنف على ذلك : بأنها لطف واللطف واجب على الله تعالى.