نصير الدين في تجريده ، والمصنف في المناهج وهنا : انه التصديق بالقلب واللسان معا ، واستدلوا بأنه لغة التصديق ، فيجب أن يكون في الشرع كذلك ، والا لزم النقل ، وهو خلاف الاصل ، وأيضا لو نقل في الشرع الى شيء لكان ذلك معلوما كغيره من المنقولات الشرعية ، وليس [ثم] ذلك التصديق ، ولا يجوز أن يكون هو المعرفة القلبية فقط لقوله (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) (١) ولقوله تعالى (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (٢) ، ولا التصديق اللساني فقط لقوله تعالى (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) (٣) ولا شك أنهم كانوا مصدّقين بألسنتهم ، فيكون عبارة عنهما معا ، وهو المطلوب.
وفيه نظر : فان الايمان عرض ، وكل عرض لا بد له من محل يقوم به ، ولا شك أنه تعالى لما اضافه الى محله أضافه الى القلب لقوله تعالى (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(٤) وقال (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) (٥) وقوله (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (٦) وأراد بالصدر القلب ، فلو كان التصديق اللساني جزءا منه لم يصح ذلك ، لعدم حصول اللساني في القلب اطلاق اسم المحل على الحال (٧) ، ولو كان التصديق ذلك اللساني جزءا منه لم يصح لعدم حلول اللساني في القلب.
__________________
(١) سورة البقرة : ٨٩.
(٢) سورة النمل : ١٤.
(٣) سورة الحجرات : ١٤.
(٤) سورة النحل : ١٠٦.
(٥) سورة المجادلة : ٢٢.
(٦) سورة الانعام : ١٢٥.
(٧) فى «ن» اسم الحال على المحل.