بذلك أتى أنطاكية حتّى دخل عليهما في السجن ، وقال : ألم أنهكما عن الجبابرة.
ثمّ خرج من عندهما وجلس مع الناس مع (١) الضعفاء ، فأقبل فطرح كلامه الشيء بعد الشيء ، فأقبل الضعيف يدفع (٢) كلامه إلى من هو أقوى منه ، وأخفوا كلامه خفاءا شديدا ، فلم يزل يتراقى (٣) الكلام حتّى انتهى إلى الملك ، فقال : منذ متى هذا الرجل في مملكتي؟ فقالوا : منذ شهرين ، فقال : عليّ به ، فأتوه به ، فلمّا نظر إليه وقعت عليه محبّته ، فقال : لا أجلس إلّا وهو معي.
فرأى في منامه شيئا أفزعه ، فسأل شمعون عنه ، فأجاب بجواب حسن فرح به ، ثمّ ألقي عليه في المنام ما أهاله ، فأوّلها له بما ازداد به سرورا ، فلم يزل يحادثه حتّى استولى عليه.
ثمّ قال : إنّ في حبسك رجلين عابا عليك؟ قال : نعم ، قال : فعليّ بهما ، فلمّا أتي بهما قال : ما إلهكما الذي تعبدان؟ قالا : الله ، قال : يسمعكما إذا سألتماه ويجيبكما إذا دعوتماه؟ قالا : نعم ، قال شمعون : فأنا أريد أن أستبرئ ذلك منكما ، قالا : قل ، قال : هل يشفي لكما الأبرص؟ قالا : نعم ، قال : فأتي بأبرص.
فقال : سلاه أن يشفي هذا ، قال : فمسحاه فبرئ ، قال : وأنا أفعل مثل ما فعلتما ، قال : فأتي بآخر فمسحه شمعون فبرئ.
قال : بقيت خصلة إن أجبتماني إليها آمنت بإلهكما ، قالا : وما هي؟ قال : ميّت تحييانه؟ قالا : نعم ، فأقبل على الملك وقال : ميّت يعنيك أمره؟ قال : نعم ابني ، قال : اذهب بنا إلى قبره ، فإنّهما قد أمكناك من أنفسهما ، فتوجّهوا إلى قبره ، فبسطا أيديهما فبسط شمعون يديه ، فما كان بأسرع من أن صدع القبر وقام الفتى ، فأقبل
__________________
(١) في «ر» «س» : (من).
(٢) في «ر» «س» : (يرفع).
(٣) في «ر» : (يطرح في) بدلا من : (يتراقى).