لا يجيء منها الكثير من الخير ولا القليل ، ومن الحجارة إن أقسم عليها باسم الله تهبط ، وليس في قلوبكم شيء منه.
فقالوا : يا محمّد ، زعمت أنّ الحجارة ألين من قلوبنا ، وهذه الجبال بحضرتنا ، فاستشهدها على تصديقك ، فإن نطقت بتصديقك فأنت المحق ، فخرجوا إلى أوعر جبل ، فقالوا : استشهده.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أسألك بجاه محمّد وآله الطيّبين الذين بذكر أسمائهم خفّف الله العرش على كواهل ثمانية من ملائكته بعد أن لم يقدروا على تحريكه ، فتحرّك الجبل وفاض الماء ، ونادى : أشهد أنّك رسول ربّ العالمين ، وأنّ هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة.
فقالت اليهود : أعلينا تلبّس؟ أجلست أصحابك خلف هذا الجبل ينطقون بمثل هذا ، فإن كنت صادقا فتنحّ عن موضعك إلى ذي القرار ، ومر هذا الجبل يسير إليك ، ومره أن يتقطّع نصفين ترتفع السفلى وتنخفض العليا ، فأشار صلىاللهعليهوآله إلى حجر فتدحرج ، ثمّ قال لمخاطبه : خذه وقرّبه ، فسيعيد عليك ما سمعت ، فإنّ هذا من ذلك الجبل ، فأخذه الرجل فأدناه إلى أذنه فنطق الحجر مثل ما نطق به الجبل قال : فأتني بما اقترحت.
فتباعد رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى فضاء واسع ، ثمّ نادى : أيّها الجبل ، بحقّ محمّد وآله الطيّبين لمّا اقتلعت من مكانك بإذن الله تعالى وجئت إلى حضرتي ، فتزلزل (١) الجبل وصار كالفرس الهملاج (٢) ونادى : ها أنا سامع ومطيع ، مرني ، فقال : هؤلاء اقترحوا عليّ أن آمرك أن تتقطّع من أصلك فتصير نصفين ، ثمّ ينحط أعلاك ويرتفع أسفلك ، فتقطّع نصفين وارتفع أسفله وصار فرعه أصله.
__________________
(١) في «ص» «م» : (فنزل).
(٢) دابّة هملاج : حسنة السير في سرعة وبخترة في المذكّر والمؤنّث سواء.