وخدمته حولين ، فقال لمّا حضرته الوفاة : إنّي ميّت ولا أعرف أحدا يقول بمقالتي إلّا راهبا بأنطاكية ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام وادفع إليه هذا اللوح وناولني لوحا ، فلمّا مات غسّلته وكفّنته ودفنته وأخذت اللوح ، وأتيت الصومعة ، وأنشأت أقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ عيسى روح الله ، وأنّ محمّدا حبيب الله.
فأشرف عليّ الديرانيّ فقال : أنت روزبه؟ قلت : نعم ، فصعدت إليه ، فخدمته حولين ، فلمّا حضرته الوفاة قال : لا أعرف أحدا يقول بمثل مقالتي في الدنيا ، وأنّ محمّدا بن عبد الله حانت ولادته ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ، وادفع إليه هذا اللوح ، فلمّا دفنته صحبت قوما ، فقلت لهم : يا قوم ، أكفيكم الخدمة في الطريق وخرجت معهم فنزلوا.
فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة فقتلوها بالضرب ، وشووها ، فقالوا : كل فامتنعت ، فضربوني ، فأتوا بالخمر فشربوه ، فقالوا : اشرب ، فقلت : إنّي غلام ديرانيّ لا أشرب الخمر ، فأرادوا قتلي.
فقلت : لا تقتلوني أقرّ لكم بالعبوديّة ، فأخرجني واحد وباعني بثلاثمائة درهم من يهوديّ.
قال : فسألني عن قصّتي ، فأخبرته وقلت : ليس لي ذنب إلّا أنّني (١) أحببت محمّدا ، فقال اليهوديّ : وإنّي لأبغضك وأبغض محمّدا ، وكان على بابه رمل كثير ، فقال : يا روزبه ، لئن أصبحت ولم تنقل هذه الرمل من هذا الموضع إلى هذا الموضع لأقتلنّك. قال : فجعلت أحمل طول ليلتي ، فلمّا أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء وقلت : يا ربّ ، حببت إليّ محمّدا ، فبحقّ وسيلته عجّل فرجي.
قال : فبعث الله تعالى ريحا فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال
__________________
(١) في «ر» : (أنّي).