بنو هاشم من الشعب ، فيشترون ويبيعون ، ثمّ لا يجسر أحد منهم أن يخرج إلى الموسم الثاني ، وأصابهم الجهد وجاعوا ، وبعثت قريش إلى أبي طالب : ادفع إلينا محمّدا نقتله ونملّكك علينا ، فقال أبو طالب رضى الله عنه قصيدته اللّاميّة يقول فيها :
ولمّا رأيت القوم لا ودّ منهم (١) |
|
وقد قطعوا كلّ العرى والوسائل |
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى (٢) عصمة للأرامل |
كذبتم وبيت الله يبزى (٣) محمّد |
|
ولمّا نطاعن دونه ونقاتل |
لعمري لقد كلّفت وجدا بأحمد |
|
وأحببته حبّ الحبيب المواصل |
وجدت بنفسي دونه وحميته |
|
وادرأت عنه بالذّرى والكواهل |
فأيّده ربّ العباد بنصره |
|
وأظهر دينا حقّه غير باطل |
فلمّا سمعوا هذه القصيدة آيسوا منه ، وكان أبو العاص بن الربيع ، وهو ختن (٤) رسول الله صلىاللهعليهوآله يأتي بالعير بالليل عليها البرّ والتمر إلى باب الشعب ، ثمّ يصيح بها فتدخل الشعب فيأكله بنو هاشم ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لقد صاهرنا أبو العاص (٥) فأحمدنا صهره.
__________________
(١) في إعلام الورى ١ : ١٢٦ والبحار : (فيهم).
(٢) الثمال بالكسر : الغياث ، يقال : فلان ثمال قومه أي غياث لهم وقائم بأمرهم ، والمراد بعصمة للأرامل أي يمنعهم عن الحاجة والضياع (انظر النهاية في غريب الحديث ١ : ٢٢٢).
(٣) قال ابن الأثير في النهاية ١ : ١٢٥ في مادّة : (بزا) في قصيدة أبي طالب يعاتب قريشا في أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله :
كذبتم وبيت الله يبزى محمّد |
|
ولمّا نطاعن دونه ونناضل |
يبزى أي يقهر ويغلب ، أراد لا يبزى ، فحذف «لا» من جواب القسم ، وهي مرادة ، أي لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع.
(٤) الختن : الصهر (العين ٤ : ٢٣٨).
(٥) في النسخ الأربع : (العبّاس) بدلا من : (العاص) ، والمثبت عن إعلام الورى ١ : ١٢٧.