العداوة (١) ، فلمّا أمسى أتاه أسعد بن زرارة مقنّعا ، فسلّم على رسول الله صلىاللهعليهوآله وفرح بقدومه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للأوس : من يجيره؟ فأجاره عويمر بن ساعدة وسعد بن خيثمة.
فبقي رسول الله صلىاللهعليهوآله خمسة عشر يوما فقال أبو بكر : ندخل المدينة فالقوم متشوّقون إلى نزولك ، فقال : لأديم في هذا المكان حتّى يوافيني أخي عليّ بن أبي طالب وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد بعث إليه أن احمل العيال وأقدم ، فقال أبو بكر : ما أحسب عليّا يوافي ، قال : بلى ما أسرعه.
فلمّا قدم عليّ ركب رسول الله صلىاللهعليهوآله راحلته ، واجتمعت إليه بنو عمرو بن عوف ، فقالوا : يا رسول الله ، أقم عندنا ، قال : خلّوا عنها فإنّها مأمورة ، وبلغ الأوس والخزرج خروج رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلبسوا السلاح وأقبلوا يعدون حول ناقته ، وأخذ كلّ حيّ بزمام ناقته ويقول : خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة ، فبركت الناقة على باب أبي أيّوب ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وجاءته اليهود ، فقالوا : يا محمّد ، إلى ما تدعو؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله ، وأنا الذي تجدونني مكتوبا في التوراة ، والذي أخبركم به علماؤكم ، فحرمي بمكّة ومهاجري في هذه الحرّة (٢) ، فقالوا : قد سمعنا ما تقول وقد جئناك لنطلب منك الهدنة على أن لا نكون لك ولا عليك ، فأجابهم رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى ذلك ، وكتب بينهم كتابا.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلّي في المربد (٣) بأصحابه ، ثمّ اشتراه وجعله المسجد ،
__________________
(١) في «ر» «س» «ص» : (عداوة).
(٢) في النسخ : (البحيرة) ، والمثبت عن البحار وإعلام الورى ١ : ١٥٧ والحرّة : أرض ذات حجارة سود نخرة كأنّما أحرقت بالنار والجمع حرار (ترتيب كتاب العين ١ : ٣٦٥ ، المصباح المنير : ١٢٨).
(٣) المربد : الموضع الذي تحبس فيه الإبل والغنم ، وبه سمّي مربد المدينة والبصرة (النهاية ٢ : ١٨٢).