فلينطلق معي ، فمضى معه القوم حتّى إذا نزلوا نخلة مرّ بهم عمرو بن الحضرميّ والحكم بن كيسان وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله معهم تجارة قدموا بها من الطائف أدم (١) وزبيب ، فلمّا رآهم القوم أشرف لهم واقد (٢) بن عبد الله ، وكان قد حلق رأسه فقالوا : عمّار (٣) ليس عليكم منهم بأس وائتمر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو آخر يوم من رجب فقالوا : لئن قتلتموهم إنّكم لتقتلونهم (٤) في الشهر الحرام ، ولئن تركتموهم ليدخلوا (٥) هذه الليلة مكّة ، فأجمع القوم على قتلهم ، فرمى واقد ابن عبد الله التميميّ عمرو بن الحضرميّ بسهم فقتله ، واستأمن (٦) عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان ، وهرب المغيرة بن عبد الله ، فأعجزهم فاستاقوا العير ، فقدموا بها على رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقال : والله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ، وأوقف الأسيرين والعير ولم يأخذ منها شيئا ، وسقط في أيدي القوم ، فظنّوا أنّهم قد هلكوا ، وقالت قريش : استحلّ محمّد الشهر الحرام ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ)(٧) الآية ، فلمّا نزل ذلك أخذ رسول الله العير وفدى الأسيرين ، وقال المسلمون : أيطمع لنا أن نكون غزاة ، فأنزل الله تعالى فيهم : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ)(٨)
__________________
(١) الأدم بالضمّ ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان (النهاية ١ : ٣١).
(٢) في النسخ : (وافد) بدلا من : (واقد) ، والمثبت موافق لإعلام الورى.
(٣) كذا في النسخ والمصادر ، والظاهر أنّها : (أغماد).
(٤) في النسخ : (لتقتلوهم) ، والمثبت موافق لإعلام الورى.
(٥) في «ر» «س» : (يدخلوا) ، وفي إعلام الورى : (ليدخلنّ).
(٦) في إعلام الورى : (واستأسر).
(٧) البقرة : ٢١٧.
(٨) البقرة : ٢١٨.