وسمع بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فخرج إليهم ، وذلك بعد أن أشار سلمان الفارسيّ أن يصنع خندقا ، قال : ضربت في ناحية من الخندق ، فعطف عليّ رسول الله وهو قريب منّي ، فلمّا رأى شدّة المكان نزل ، فأخذ المعول من يدي ، فضرب ضربة فلمعت تحت المعول لمعة برقة ، ثمّ ضرب ضربة أخرى ، فلمعت تحت المعول برقة أخرى ، ثمّ ضرب به الثالثة فلمعت برقة أخرى.
فقلت : يا رسول الله ، ما هذا؟ فقال : أمّا الأولى : فإنّ الله فتح بها عليّ اليمن ، وأمّا الثانية : فإنّ الله فتح عليّ بها الشام والمغرب ، وأمّا الثالثة : فإنّ الله فتح عليّ بها المشرق (١).
وأقبلت الأحزاب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فهال المسلمون أمرهم ، فنزلوا ناحية من الخندق ، وأقاموا بمكانهم بضعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلّا الرمي بالنبل والحصى ، ثمّ انتدب فوارس قريش للبراز منهم : عمرو بن عبدود ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة بن أبي وهب ، وضرار بن الخطّاب ، وتلبّبوا (٢) للقتال وأقبلوا على خيولهم حتّى وقفوا على الخندق ، وقالوا : هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ثمّ تيمّموا مكانا من الخندق فيه ضيق ، فضربوا خيولهم فاقتحمت وجاءت بهم إلى السبخة بين الخندق وسلع (٣) ، وخرج عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في نفر معه حتّى أخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموها فتقدّم عمرو بن عبدودّ وطلب البراز وقتله عليّ عليهالسلام على ما نذكره (٤).
__________________
(١) إعلام الورى ١ : ١٩١ ، وورد نحوه في تفسير القمّيّ ٢ : ١٧٨ ، وانظر : سيرة ابن هشام ٣ : ٢٣٠ ودلائل النبوّة للبيهقيّ ٣ : ٤١٧ والمغازي للواقديّ ٢ : ٤٥٠ والكامل في التاريخ ٢ : ١٧٩.
(٢) في «ص» ، والبحار : (تلّبوا) ، في إعلام الورى : (تهيّؤوا) بدلا من : (تلبّبوا).
(٣) سلع : جبل بسوق المدينة ، وقيل : هو موضع بقرب المدينة (معجم البلدان ٣ : ٢٣٦).
(٤) إعلام الورى ١ : ١٩٢ ، وانظر : تفسير القمّيّ ٢ : ١٨٢ ، المغازي للواقدي ٢ : ٤٧٠ ، سيرة ابن هشام ٣ : ٢٣٥ ، دلائل النبوّة للبيهقيّ ٣ : ٤٣٦.