في نفسه : هذا هلاك قريش إن دخلها رسول الله عنوة ، قال : فركبت بغلة رسول الله صلىاللهعليهوآله البيضاء وخرجت أطلب الحطّابة أو صاحب لبن لعلّي آمره أن يأتي قريشا ، فيركبوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ليستأمنوا إليه ، إذ لقيت أبا سفيان يقول : ما هذه النيران (١)؟ قال : هذه خزاعة ، قال : خزاعة أقلّ من هذا ، ولكن لعلّ هذا تميم أو ربيعة.
قال العبّاس (٢) : فعرفت صوت أبي سفيان ، فقلت : أبا حنظلة ، قال : لبّيك ، فمن أنت؟ قلت : أنا العبّاس. قال : فما هذه النيران؟ قلت : هذا رسول الله في عشرة آلاف من المسلمين ، قال : فما الحيلة؟ قلت : تركب في عجز هذه البغلة ، فأستأمن لك رسول الله.
فأردفته خلفي ثمّ جئت به ، فقام بين يدي رسول الله ، فقال : ويحك! ما آن لك أن تشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله؟
فقال أبو سفيان : ما أكرمك وأوصلك وأجلّك ، أما والله لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم أحد ، وأمّا أنّك رسول الله فإنّ في نفسي منها شيئا ، قال العبّاس : يضرب والله عنقك الساعة أو تشهد أنّه رسول الله ، فقال : فإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله ، فلجلج بها فوه.
ثمّ قال رسول الله : يا أبا الفضل ، أبته عندك الليلة واغد به عليّ ، ثمّ غدا به إلى رسول الله ، فقال : يا رسول الله ، إنّي أحبّ أن تأذن لي وآتي قومك فأنذرهم وأدعوهم إلى الله وإلى رسول الله ، ثمّ قال للعبّاس : كيف أقول لهم؟ قال : تقول لهم : من قال : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا
__________________
(١) في إعلام الورى : (إذ لقيت أبا سفيان وبديل بن ورقاء وحكيم بن حزام ، وأبو سفيان يقول لبديل : ما هذه النيران؟!).
(٢) كلمة : (العبّاس) لم ترد في النسخ الأربع ، وأثبتناها من إعلام الورى ١ : ٢٢٠.