ثمّ أجمع رسول الله على المسير إلى مكّة ، فكتب حاطب بن أبي بلتعة مع سارة مولاة أبي لهب لعنه الله إلى قريش أنّ رسول الله خارج إليكم ، فخرجت ، فنزل جبرئيل عليهالسلام فأخبره ، فدعا عليّا عليهالسلام والزبير ، فقال : أدركاها وخذا منها الكتاب ، فخرجا وأخذا الكتاب ورجعا إلى رسول الله.
[قال : فدعا صلىاللهعليهوآله حاطبا فقال له : انظر ما صنعت](١) فقال حاطب : يا رسول الله ، ما شككت ولكن أهلي بمكّة ، فأردت أن تحفظني قريش فيهم ، ثمّ أخرجه عن (٢) المسجد فجعل الناس يدفعون في ظهره وهو يلتفت إلى رسول الله ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بردّه وقال : عفوت عنك ، فاستغفر ربّك ولا تعد لمثله ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ)(٣)(٤).
ثمّ خرج رسول الله فاستخلف أبا لبابة على المدينة ، وصام الناس حتّى نزل على كراع الغميم (٥) ، فأمر بالإفطار فأفطر الناس ، وصام قوم فسمّوا العصاة ، ثمّ سار حتّى نزل بمرّ الظهران (٦) ومعه نحو عشرة آلاف رجل ، وقد عميت الأخبار عن قريش ، فخرج أبو سفيان في تلك الليلة وحكيم بن حزام وبديل بن ورقا هل يسمعون خبرا.
وقد كان العبّاس خرج يلتقي رسول الله ، وقد تلقّاه بثنيّة العقاب ، وقال العبّاس
__________________
(١) مابين المعقوفين أضفناه من إعلام الورى ١ : ٢١٦.
(٢) في «س» : (من).
(٣) الممتحنة : ١.
(٤) إعلام الورى ١ : ٢١٥ وعنه في بحار الأنوار ٢١ : ١٢٤ / ٢٢ ، وانظر : سيرة ابن هشام ٤ : ٣٢ ، تاريخ اليعقوبيّ ٢ : ٥٨ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٢٣٩ ، سيرة ابن كثير ٣ : ٥٢٦.
(٥) كراع الغميم موضع بين مكّة والمدينة (معجم البلدان ٤ : ٢١٤).
(٦) قال ياقوت في معجم البلدان ٤ : ٦٣ : الظهران : واد قرب مكّة وعنده قرية يقال لها : مرّ ، تضاف إلى هذا الوادي فيقال : مرّ الظهران.