رداءه على قدميه من شدّة الرمضاء ، فصعد على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها ، ودعا عليّا عليهالسلام فرقى معه حتّى قام عن يمينه.
ثمّ خطب فحمد الله وأثنى عليه ووعظ ، ونعى إلى الأمّة نفسه ، فقال : «إنّي دعيت ويوشك أن أجيب ، وقد آن (١) منّي خفوق من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».
ثمّ نادى بأعلى صوته : «ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا : بلى ، فقال لهم ـ على النسق وقد أخذ بضبعي (٢) عليّ حتّى رئي بياض إبطيهما ـ وقال : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله».
ثمّ نزل وأمر عليّا عليهالسلام أن يجلس في خيمة ، ثمّ أمر الناس أن يدخلوا عليه فوجا فوجا ويهنّئوه بالإمامة ، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين.
وأنشأ حسّان بن ثابت :
يناديهم يوم الغدير نبيّهم |
|
بخمّ واسمع بالرّسول مناديا |
الأبيات (٣).
__________________
(١) في إعلام الورى : (حان).
(٢) الضبع : العضد (الصحاح ٣ : ١٢٤٧).
(٣)
وقال : ومن مولاكم ووليّكم؟ |
|
فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا |
إلهك مولانا وأنت وليّنا |
|
ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا |
فقال له : قم يا عليّ فإنّني |
|
رضيتك من بعدي إماما وهاديا |
فمن كنت مولاه فهذا وليّه |
|
وكن للّذي عادى عليّا معاديا |
وفي إعلام الورى ١ : ٢٦٢ : ـ