حتّى ملأ الأرض كلّها فصرت لا ترى إلّا السماء والحجر.
قال بخت نصّر : صدقت ، هذه الرؤيا التي رأيتها ، فما تأويلها؟
قال دانيال عليهالسلام : أمّا الصنم الذي رأيت ، فإنّها أمم تكون في أوّل الزمان وأوسطه وآخره ، وأمّا الذهب فهو هذا الزمان ، وهذه الأمّة التي أنت فيها وأنت ملكها ، وأمّا الفضّة فإنّه يكون ابنك يليها من بعدك ، وأمّا النحاس فأمّة الروم ، وأمّا الحديد فأمّة فارس ، وأمّا الفخار فأمّتان تملكهما امرأتان : إحداهما في شرقيّ اليمن ، وأخرى في غربيّ الشام.
وأمّا الحجر الذي قذف به الصنم ، فدين يقذفه الله به في هذه (١) الأمّة آخر الزمان ليظهره عليها ، يبعث الله نبيّا أمّيّا من العرب فيذلّ الله له الأمم والأديان ، كما رأيت الحجر ظهر على الأرض فانتشر (٢) فيها.
فقال بخت نصّر : ما لأحد عندي يد أعظم من يدك ، وأنا أريد أن أجزيك ، إن أحببت أن أردّك إلى بلادك وأعمرها لك ، وإن أحببت أن تقيم معي فأكرمك. فقال دانيال عليهالسلام : أمّا بلادي فأرض كتب الله عليها الخراب إلى وقت ، والإقامة معك أوثق لي.
فجمع بخت نّصر ولده وأهل بيته وخدمه وقال لهم : هذا رجل حكيم قد فرّج الله به عنّي كربة قد عجزتم عنها ، وقد ولّيته أمركم وأمري ، يا بنيّ خذوا من علمه ، وإن جاءكم رسولان أحدهما لي والآخر له ، فأجيبوا دانيال قبلي ، فكان لا يقطع أمرا دونه.
ولمّا رأى قوم بخت نصّر ذلك حسدوا دانيال ، ثمّ اجتمعوا إليه وقالوا : كانت
__________________
(١) في البحار : (فدين يفقده الله به هذه في) بدلا من : (فدين يقذفه الله به في هذه) ، وفي إثبات الهداة : (يعقده) بدلا من : (يقذفه).
(٢) في البحار : (فانتثر).