ومن العرب من يذكّر السماء ؛ لأنه جمع كأن واحدته سماوة أو سماءة. قال : وأنشدنى بعضهم :
فلو رفع السماء إليه قوما |
|
لحقنا بالسماء مع السحاب (١) |
فإن قال قائل : أ رأيت الفعل إذا جاء بعد المصادر المؤنثة أ يجوز تذكيره بعد الأسماء كما جاز قبلها؟ قلت : ذلك قبيح وهو جائز. وإنما قبح لأن الفعل إذا أتى بعد الاسم كان فيه مكنىّ من الاسم فاستقبحوا أن يضمروا مذكّرا قبله مؤنث ، والذين استجازوا ذلك قالوا : يذهب به إلى المعنى ، وهو فى التقديم والتأخير سواء ؛ قال الشاعر :
فإن تعهدى لامرئ لمّة |
|
فإن الحوادث أزرى بها (٢) |
ولم يقل : أزرين بها ولا أزرت بها. والحوادث جمع ولكنه ذهب بها إلى معنى الحدثان. وكذلك قال الآخر :
هنيئا لسعد ما اقتضى بعد وقعتى |
|
بناقة سعد والعشية بارد |
كأن العشية فى معنى العشىّ ؛ ألا ترى قول الله (أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (٣) وقال الآخر :
إن السماحة والشجاعة ضمّنا |
|
قبرابمرو على الطريق الواضح (٤) |
__________________
(١) ورد فى اللسان (سما) من غير عزو.
(٢) فى سيبويه ١ / ٢٣٩ ، وفيه بدل الشطر الأول :
فإما ترى لمتى بدّلت وهو من قصيدة للأعشى فى الصبح المنير ١٢٠ يمدح فيها رهط قيس بن معديكرب ويزيد بن عبد المدان.
واللمة : الشعر يلم بالمنكب. وإزراء الحوادث بها : تغييرها من السواد إلى البياض. وقوله : «فإن تعهدى» أي إن كنت تعهدين ذلك فيما مضى من الزمن.
(٣) آية ١١ سورة مريم.
(٤) لزياد الأعجم فى رثاء المغيرة بن المهلب. وبعده :
فإذا مررت بقبره فاعقر به |
|
كوم الهجان وكل طرف سابح |
وانظر الأغانى ١٤ / ١٠٢ ، وذيل الأمالى ٨.