ولم يقل : ضمنتا ، والسماحة والشجاعة مؤنثتان للهاء التي فيهما. قال : فهل يجوز أن تذهب بالحدثان إلى الحوادث فتؤنّث فعله قبله فتقول أهلكتنا الحدثان؟ قلت نعم ؛ أنشدنى الكسائي :
ألا هلك الشهاب المستنير |
|
ومدرهنا الكمىّ إذا نغير (١) |
وحمّال المئين إذا ألمّت |
|
بنا الحدثان والأنف النصور |
فهذا كاف مما يحتاج إليه من هذا النوع.
وأما قوله : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) (٢) ولم يقل «بطونها» والأنعام هى مؤنثة ؛ لأنه ذهب به إلى النعم والنعم ذكر. وإنما جاز أن تذهب به إلى واحدها لأن الواحد يأتى فى المعنى على معنى الجمع ؛ كما قال الشاعر :
إذا رأيت أنجما من الأسد |
|
جبهته أو الخرات والكتد (٣) |
بال سهيل فى الفضيخ ففسد |
|
وطاب ألبان اللقاح فبرد |
ألا ترى أن اللبن جمع يكفى من الألبان. وقد كان الكسائىّ يذهب بتذكير الأنعام إلى مثل قول الشاعر :
ولا تذهبن عيناك فى كل شرمح |
|
طوال فإن الأقصرين أمازره (٤) |
__________________
(١) ورد البيتان فى اللسان (حدث) من غير عزو. وفيه «وهاب» بدل «حمال» فى البيت الثاني.
(٢) آية ٦٦ سورة النحل.
(٣) الأسد أحد البروج الاثني عشر. والخرات أحد نجمين من كواكب الأسد يقال لهما الخراتان. والتاء فى الخرات أصلية على أحد وجهين ، ومن ثم كتبت التاء مفتوحة ، كما فى اللسان (جبه). قال ابن سيده : لا يعرف الخراتان إلا مثنى. والكتد ـ بفتحتين ـ نجم أيضا من الأسد. والفضيخ البسر المشدوخ. يقول : لما طلع سهيل ذهب زمن البسر وأرطب فكأنه بال فيه. واللقاح : النوق إلى أن يفصل عنها ولدها. وذلك عند طلوع سهيل. فيرد : صار هنيئا. رجع بقوله فبرد إلى معنى اللبن ، والألبان تكون فى معنى واحد.
(٤) الشرمح من الرجال القوى الطويل. والأمازر جمع أمزر وهو اسم تفضيل للمزير وهو الشديد القلب القوى النافذ. وقبل البيت :
إليك ابنة الأعيار خافى بسالة ال |
|
رجال وأصلال الرجال أقاصره |
ونقل عن الفراء أن المزير الظريف وأنشد البيت كما فى اللسان.