الأُصول العقلية من البراءة والاشتغال والتخيير.
إنّ كلامه قدسسره مركّب من شقين قد تخلص في أوّلهما عن الإشكال الأوّل ، باتخاذ المجتهد هو الموضوع بقرينة قوله : « أو بمقلّديه » ، وفي الوقت نفسه لم يخص حجّية ما استنبطه لنفسه ، بل عمّمه لنفسه ولغيره من مقلديه ، بل ربما يكون المورد ممّا لا يبتلي به المجتهد كأحكام الحائض وغيرها. كما تخلص عن الثاني بتخصيص الحكم بالفعلي. وعن الثالث بالتقسيم الثنائي.
وعلى ضوء تعريفه يدخل في القسم الأوّل القطع بالحكم ، بقيام الأمارات وجريان الأُصول العملية الشرعية كالبراءة الشرعية والتخيير الشرعي والاستصحاب ، لكون الجميع من قبيل القطع بالحكم الظاهري والمفروض فيهاجعل المؤدّى وانّ للشارع فيها حكماً مماثلاً لما تؤدّيه الأمارة والأُصول الشرعية ، هذا هو الشقّ الأوّل.
وأمّا الشقّ الثاني ، فأشار به إلى دور المعذّرات العقلية التي ليس في موردها جعل حكم شرعي على الترتيب التالي :
١. الظن عند انسداد باب العلم ، إذا قلنا بأنّ العقل يستقل عند انسداده بلزوم الإطاعة الظنية ، وتقديمها على الإطاعة الشكية والوهمية من دون أن يكون للشارع أيُّ تدخّل في المقام ، فعندئذ لا يكون المظنون حكماً شرعياً مجعولاً ، بخلاف ما إذا قلنا بأنّ العقل يستكشف في حال الانسداد أنّ الشارع جعله حجّة في هذه الحالة ، فيكون للشرع في مورده حكم شرعي مجعول.
٢. الأُصول العقلية من البراءة والاشتغال والتخيير ، فانّ مبنى الأوّل قبح العقاب بلا بيان ، والثاني لزوم الخروج عن عهدة التكليف على وجه القطع ، والثالث لزوم الخروج بالمقدار الممكن. وكلّها أحكام عقلية للتخلص من المأزق.