نعم يعتبر فيه الوثوق والاطمئنان على قول.
ذهب المحقّق الخوئي إلى القول الأوّل ، وقال : بأنّ تعيين معاني الألفاظ من قبيل الأُمور الحسية التي لا دخل للنظر والرأي فيها ، لأنّ اللغوي ينقلها على ما وجده من الاستعمالات والمحاورات ، وليس له إعمال النظر والرأي ، فيكون داخلاً في باب الشهادة فتعتبر فيه العدالة والتعدّد على قول المشهور. (١)
يلاحظ عليه : أنّه قدسسره قصر النظر على أصحاب المعاجم المتأخرين المرتزقين من المعاجم الأُمّ ، فليس لهم شأن إلا ما ذكر فيها ، وأمّا أصحاب المعاجم الأوائل ، كالعين للخليل ، والجمهرة لابن دريد ، والمقاييس لابن فارس ، والصحاح للجوهري ، وأساس اللغة للزمخشري ، واللسان لابن منظور ، فعملهم مزيج بالحدس وإعمال النظر ، ويشهد لذلك ، استشهادهم بالآيات والأحاديث النبوية وأشعار الشعراء حيث يُعيّنون موارد الاستعمال بفضل الإمعان فيها.
إنّ تعيين مواضع استعمال الألفاظ فضلاً عن تعيين معانيها وأوضاعها أمر عسير لا يحصل إلا بالدقة والإمعان ، ومن طالع المقاييس لابن فارس أو أساس اللغة للزمخشري أو اللسان لابن منظور يقف على الجهود التي بذلوها لتبيين مفاهيم الألفاظ وموارد استعمالها ، فالشكّ في أنّ أخبارهم كأخبار أهل الخبرة في غير محله ، وأمّا انّـهم أهل خبرة في تعيين مواضع الاستعمال أو الأوضاع فسيوافيك بيانه.
وبالجملة استخراج المعاني بفضل الآيات والروايات وأشعار الشعراء وكلمات العرب يحتاج إلى لطف في القريحة ودقة في الكلام ، وقد سئل الأصمعي عن معنى الألمعيّ فأنشد الشعر :
الألمعي الذي يظنُّ بــك |
|
الظـنَّ كأن رأى وقد سمعا |
__________________
١. مصباح الأُصول : ١ / ١٣١.