حدس معتمداً على القاعدة العقلية أعني قاعدة اللطف ، فلا شكّ أنّه ليس بحجّة للمنقول إليه ، لما عرفت من اختصاص حجّية خبر الواحد بما إذا كان المخبر به أو مقدماته القريبة أمراً حسيّاً ، وليس المقام كذلك ، لأنّ استكشاف قول المعصوم من الاتّفاق مبني على الحدس والاستدلال.
أمّا الصورة الثالثة : إذا كان نقل السبب عن حس ، الملازم لقول المعصوم عند المنقول إليه ملازمة عادية أو إتّفاقية ، فلا شكّ في كونه حجّة ، إذ لا فرق بين نقل قول المعصوم بالدلالة التضمنية ـ كما في الصورتين الأُولتين ـ أو بالالتزامية ، كما في المقام ، إلا أنّ الكلام في وجود الصغرى وانّ الناقل تتبع أقوال العلماء إلى حدّ يلازم قول المعصوم ، حتى يكون ملازماً لقوله عادة ، وسيوافيك تساهل نقلة الإجماع في نقله.
أمّا الصورة الرابعة : إذا نقل السبب عن حس لا يكون ملازماً لقول المعصوم ، كما إذا وقف على أقوال عدّة من العلماء فأذعن باتّفاق الكلّ عن حدس وادّعى الإجماع ، فليس بحجّة لعدم الملازمة. اللّهمّ إلا أن يضيف المنقول إليه ، أقوال الآخرين حتى يحصل عنده السبب التامّ الكاشف عن قول المعصوم.
أمّا الصورة الخامسة : إذا نقل السبب فضلاً عن المسبب عن حدس ، كما إذا حاول استكشاف أقوال العلماء من اتّفاقهم على القاعدة ، فليس بحجّة عند الناقل فضلاً عن المنقول إليه.
فتلخص من هذا البحث ، عدم حجّية الإجماع المنقول إلافي الصورة الأُولى ، واختصاصه بعصر الحضور ، والصورة الثالثة ، لكنّه قليل الوجود ، لأنّ التساهل في نقل الإجماع قد خيّم على أكثر الإجماعات المنقولة في الكتب الفقهية وقلّما يتّفق للفقيه أنْ يتبع كلمات الأوائل والأواخر حتى تجتمع عنده أقوال الفقهاء إلى حدّ يلازم عادة قول المعصوم.