٤. انّ الشهرة الفتوائية في الفقه المنصوص بين القدماء حجّة في الفقه ، نعم ليس للشهرة الفتوائية قيمة في المسائل التفريعية بين المتأخرين ، وإليك بيان الأُمور الأربعة.
إنّ استفادة الأُمور المذكورة تتوقف على بيان أُمور ثلاثة :
١. انّ المراد من « المجمع عليه » ليس ما اتّفق الكلّ على روايته ، بل المراد ما اشتهرتْ روايتُه بين الأصحاب ، في مقابل الشاذّ الذي ليس كذلك ، ويدل على ذلك قول الإمام عليهالسلام : « يُترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ».
٢. المراد من اشتهار الرواية بين الأصحاب ، هو اشتهارها مع العمل بها والإفتاء بمضمونها ، إذ هو الذي يصلح لأن يكون ممّا لا ريب فيه ، وإلا فلو رووها ولم يعملوا بمضمونها ، بل أفتوا على خلافه ، ففي مثلها كلّ الريب.
وأمّا إفادة المحقّق الخراساني من أنّ المراد من « ما » الموصولة هو الرواية ولا يعم الإفتاء وإن كان صحيحاً ، لكن المراد الرواية التي عملوا بها وأفتوا بمضمونها ، وأمّا حجّية مجرّد الإفتاء فسيوافيك.
٣. المراد كون المجمع عليه « ممّا لا ريب » هو نفي الريب على وجه الإطلاق كقوله سبحانه : ( ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فيهِ ) (١) ، بشهادة أنّ النكرة وقعت في سياق النفي وهو يفيد العموم ، وإذا كانت الرواية المشهورة المعمول بها ممّا لا ريب فيه ، تكون الرواية الشاذة المعرض عنها ، ممّا لا ريب في بطلانها ، وذلك بحكم العقل لا بالدلالة اللفظية ، فانّه إذا كان أحد طرفي القضية ممّا لا ريب في صحّته وقطعَ الإنسان بصحّته يكون الطرف الآخر مقطوع البطلان ، وإلا يلزم اجتماع اليقين بالصحّة ، مع الشكّ فيها ، مثلاً إذا كانت عدالة زيد ممّا لا ريب فيها ، يكون مخالفها ـ فسقه ـ ممّا لا ريب في بطلانه.
__________________
١. البقرة : ٢.