يحكم به الآخر ».
قال : فقلت : فإنّهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على صاحبه ، قال : فقال : « ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به ، المجمعَ عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فانّ المجمع عليه لا ريب فيه. إنّما الأُمور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيُتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد علمه إلى اللّه وإلى رسوله ». (١)
هذه هي المقبولة التي تلقّاها الأصحاب بالقبول ، ولكن المشايخ العظام لم يعطوا للرواية حقّها ، مثلاً انّ المحقّق الخراساني ضعّف الاستدلال بالرواية بأنّ المراد من الموصول في قوله : « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا » هو الرواية فلا صلة لها بالشهرة الفتوائية ، والمحقّق النائيني ، وإنْ ذكر وجه الاستدلال بوجه مطلوب ، لكن أورد عليه بما لا يرد عليه.
وبما انّ المورد من المباحث الهامّة في الفقه ، نوضح مفاد الرواية ، وسيوافيك انّه يستفاد منها أُمور أربعة :
١. انّ الشهرة العملية ليست من المرجّحات ، بل من مميّزات الحجّة عن اللاحجّة.
٢. انّ الشهرة العملية جابرة لضعف الرواية إذا علم الاستناد إليها في الفتوى.
٣. انّ الشهرة العملية على خلاف الرواية كاسرة لصحّتها إذا أُحرز الإعراض.
__________________
١. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١ ؛ ثمّ قال : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال عليهالسلام : « ينظر إلى ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامة فيؤخذ به ». وليكن الذيل ببالك يفيد في المستقبل.