الأكابر بالرواية في عصر الحضور أو بعده في عصر الغيبة يورث الوثوق بصدورها.
وهذا المقدار كاف في شمول دليل حجّية خبر الواحد له ، نعم المراد هو عمل القدماء بالرواية ، المورِث للوثوق بصدور الرواية ، ولا عبرة بعمل المتأخرين ، إذ لا يتميزون علينا بشيء.
ثمّ إنّ المحقّق الخوئي ممّن لا يرى عمل المشهور جابراً لضعف الرواية ، فخالف في المقام واعترض بأمرين : أحدهما يرجع إلى الكبرى وهي كون العمل جابراً ، والآخر إلى الصغرى وهي استناد المشهور إلى الخبر.
أمّا الأوّل : فقال ما هذا حاصله : إذا كان الخبر الضعيف غير حجّة في نفسه على الفرض ، وكذلك فتوى المشهور غير حجّة على الفرض ، يكون المقام من قبيل انضمام غير الحجّة إلى غير الحجّة فلا يوجب الحجّة ، فانّ انضمام العدم إلى العدم لا ينتج إلا العدم. (١)
يلاحظ عليه : أنّ أساس منع الكبرى هو تصور انّ الموضوع للحجّية هو قول الثقة فرتّب عليه انّ عمل المشهور لا يثبت وثاقة الراوي ، ولكن الأساس ممنوع ، لأنّ ما هو الحجّة حسب سيرة العقلاء هو الخبر الموثوق بصدوره ، وحجّية قول الثقة لأجل أنّ وثاقته أمارة على صدق الخبر وصدوره من الإمام ، ومنه يظهر ضعف ما أفاده ، من أنّ كلا من الخبر والشهرة الفتوائية ليس بحجّة ، فأشبه بضم العدم إلى العدم ، وذلك لأنّ كلّ واحد وإن لم يكن مورِثاً للوثوق بالصدور ، لكن بعد ضمِّ أحدهما إلى الآخر ، يحصل الوثوق المؤكّد كما لا يخفى.
أمّا الثاني : أي إحراز استناد الفقهاء إلى الرواية فقد قال : إنّه أشكل ، وذلك لأنّ القدماء لم يتعرضوا للاستدلال في كتبهم ليعلم استنادهم إلى الخبر الضعيف. والمتعرّض للاستدلال هو الشيخ الطوسي دون من تقدّمه. (٢)
__________________
١ و ٢. مصباح الأُصول : ٢ / ٢٠٢.