أمّا الثاني : فلأنّـها لو كانت من لوازم وجوده لزم عدم صحّة الانفكاك بينهما مع أنّا نرى أنّ الإنسان غارق في الجهل المركّب وكم من قاطع ليس قطعه إلا ضلالة.
ومع الاعتراف بأنّ الطريقية ليست ذاتية للقطع تُصافِقُ القولَ بأنّ الحجّية لا تنالها يد الجعل ، لكن لا بالملاك السابق ـ أي كونها ذاتية أو من لوازمه ـ بل بملاك آخر ، وهو انّ المراد من الجعل هو الجعل الاعتباري التشريعي ، وهو ما لايتعلق إلابالأُمور الاعتبارية ، وأمّا الطريقية والكاشفية أو تتميم الكشف في الأمارات كلّها أُمور تكوينية لا تتحقق إلابيد التكوين لا بالجعل الاعتباري الذي هو موضوع البحث في المقام ، وبذلك يعلم انّ ما يظهر من المحقّق النائيني في غير واحد من المواضع من أنّ المجعول في الأمارات هو الطريقية ليس بتام.
ومثله ما اختاره السيد الحجّة الكوهكمري قدسسره في درسه الشريف ، فقد كان يقوِّي انّ عمل الشارع في الأمارات هو تتميم الكشف ، ومن المعلوم انّ التتميم كأصله أمر تكويني لا تنالهما يد الجعل.
فتخلص من ذلك ان الطريقية ليست ذاتية للقطع وفي الوقت نفسه لا تنالها يد الجعل ، وما ربما يقال من أنّ الطريقية ذاتية له عند القاطع غير تام ، لأنّ الأُمور التكوينية غير خاضعة للنسبية ، لأنّ أمرها دائر بين الوجود والعدم ، فالطريقية للقطع إمّا حاصلة أو لا؟ وكونها حاصلة له عند القاطع دون غيره يرجع معناه إلى جهله بالواقع فيزعم غير الطريق طريقاً.
نعم إذا صادف الواقع يكون طريقاً فيكون وصفاً مفارقاً لا دائماً.