٤. ليس القطع حجّة منطقية
إذا كان الحدّ الوسط في القياس المنطقي علّة لثبوت الأكبر للأصغر أو معلولاً لثبوته له فيوصف بالحجّة المنطقية كالتغيّـر الذي هو علّة لإثبات الحدوث للعالم ، وصورة القياس واضحة.
وبما انّ البحث في المقام في القطع الطريقي الذي ليس له دور في ثبوت المقطوع به واقعاً وتحقّقه ، غير كونه كاشفاً عن الواقع فلا يوصف بالحجّة المنطقية فلا يصحّ تنظيم قياس من القطع وجعله حدّالوسط بأن يقال : هذا مقطوع الخمرية ، وكلّ مقطوع الخمرية حرام ، فهذا حرام لكذب الكبرى ، إذ ليس الحرام إلا نفس الخمر ، تعلّق بها القطع أو لا ، لا خصوص مقطوع الخمريّة.
ومثله الظن والأمارة ، فليس الظن والأمارة علّة لثبوت المقطوع به ، وإنّما هو كاشف ، من دون أن يكون له دور في تحقّق متعلقه ، فلا يصحّ أن يقال هذا مظنون الخمرية وكلّ مظنون الخمرية يجب الاجتناب عنه ، لكذب الكبرى ، لأنّ المحرم هو ذات الخمر ، لا كونه بوصف المقطوعية.
هذا كلّه في القطع الطريقي ، وأمّا القطع الموضوعي خصوصاً إذا كان تمام الموضوع للحكم فبما انّ له دوراً في ثبوت الحكم كما إذا رتّب الشارع الحرمة على مقطوع الخمرية ، يكون القطع واسطة لثبوت الأكبر على الأصغر ، ويصحّ تأليف قياس منطقي منه ، فيقال هذا مقطوع الخمرية وكلّ مقطوع الخمرية حرام ، فهذا حرام والكبرى صادقة بخلاف ما إذا كان القطع طريقاً لا دخيلاً في الموضوع.
والعجب من الشيخ الأعظم حيث فرّق بين القطع والظن ، فقال بأنّه لا يحتج بالقطع على ثبوت الأكبر للأصغر ، بخلاف الظنّ أو البيّنة أو فتوى المفتي فصحح قول القائل هذا الفعل ما أفتى بتحريمه المفتي ، أو قامت البيّنة على كونه