الحجّية له هناك أمراً ذاتياً.
يلاحظ عليه : أنّ القطع وإن كان في غنى عن جعل الحجّية لها ، لكن لا لأجل كونها من لوازم وجوده وذاته ، كذاتي باب البرهان مثل الإمكان بالنسبة إلى الماهية ، والزوجية إلى الأربعة ، بل لأجل أنّ صحة الاحتجاج بالقطع من الأحكام القائمة بنفس العقل ، وليست الحجية من عوارض القطع أو لوازمه حتى يستدل بعدم صحّة الجعل بما سمعت من امتناع الجعل التأليفي بين الشيء وذاتياته أو لوازمه.
وهذا بخلاف الزوجية بالنسبة إلى الأربعة فإنّ الزوجية من لوازم وجود الأربعة وهي قائمة بها قيام اللازم مع الملزوم.
ونظير الحجية بالنسبة إلى القطع حسن العدل وقبح الظلم فربّما يتصور أنّ نسبتهما إلى العدل والظلم كنسبة الزوجية إلى الأربعة بتصور أنّهما من لوازمهما أو من ذاتياتهما.
ولكن الحق أنّ الحسن والقبح من الادراكات العقلية التي ينتقل إليها العقل من احساسه بالملائمة بين الفطرة والعدل وبالمنافرة بينها وبين الظلم ، فيعبر عن الاحساسين بالحسن والقبح دون أن يكونا من الأُمور القائمة بالعدل والظلم وقد أسهبنا البحث في ذلك في محله (١).
وهذا هو الوجه في عدم خضوع القطع لجعل الحجّية له ، لا كونها ذاتيةً له ، أو استلزامه التسلسل ، لأنّ الدليل الأوّل باطل والثاني تبعيد للمسافة.
__________________
١. انظر رسالة التحسين والتقبيح العقليين.