وقد أجاب عنه المحقّق الخراساني بما أشار إليه الشيخ أيضاً في ذيل كلامه وحاصله : أنّ أمثال زرارة ومحمد بن مسلم وأبان بن تغلب كانوا من أهل الذكر والعلم ، أي كانوا يضمُّون فهمهم إلى كلام الإمام وقوله ، وإذا وجب قبول روايتهم في مقام الجواب بمقتضى هذه الآية ، وجب قبول روايتهم ورواية غيرهم من العدول مطلقاً لعدم الفصل جزماً في وجوب القبول بين المبتداء والمسبوق ، ولابين أضراب زرارة وغيرهم ممن لا يكونون من أهل الذكر وإنّما يروي ما سمعه أو رآه.
يلاحظ عليه : أنّ الرجوع إلى زرارة والسؤال عمّا استحصله من الآراء والنظريات من القرآن والسنة فهو سؤال أهل الذكر ، وأمّا سؤاله عن مسموعاته ومبصراته ليس سؤال أهل الذكر بما هم أهل الذكر ، فالآية لا تشمل مثل هذا في المقيس عليه ( زرارة ) فكيف المقيس؟! فلا تشمل الآية سؤال من رأى الفعل وسمع القول بلا إعمال نظر وفكر ، فالآية أصلح للاحتجاج على جواز التقليد.
والأولى أن يجاب ـ بما ذكرنا في آية النفر ـ : من أنّه إذا كان نقل رواية زرارة كلام الإمام مع إعمال النظر والفكر حجّة ، فالعرف يساعد على إلغاء الخصوصية بحجّية مجرّد روايته ، إذ الأساس هو كلام المعصوم ، وفهمه طريق إلى فهم مقاصد الإمام ، فإذا استغنى المنقول إليه عن الحجّة الثانية لكونه مجتهداً ، غير مقلد ، فلا وجه لعدم حجّية مجرّد نقله فعل الإمام وقوله.
٤. وجوب السؤال لا يلازم وجوب القبول
إنّ المستدل تطرّق إلى حجّية جواب المجيب بأنّه لو وجب السؤال ولم يجب القبول يكون السؤال لغواً ، مع أنّه ليس كذلك لما عرفت في آية الكتمان من أنّ وجوب إظهار الشهادة لا يلازم وجوب القبول ، كما لا يلزم من عدم قبولها