والمراد من المؤمنين في قوله : ( لِلْمُؤْمِنين ) المجتمع المنسوب للإيمان سواء كانوا مؤمنين حقيقيين أو لا ، بقرينة قوله بعده : ( وَرَحْمَةٌ لِلَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ) فانّ المراد منه ، هو المؤمنون حقّاً.
هـ. ثمّ إنّ التصديق الذي يكون لصالح جميع المجتمع المنسوب إلى الإيمان هو التصديق المخبرِيّ دون التصديق الخبري ، أي فرض المخبر صادقاً لا كاذباً بمعنى انّه معتقد بصدق خبره وإن كان كاذباً لا يطابق الواقع ، لا إعطاء الصدق للخبر وانّه يطابق الواقع ، إذ عندئذ يكون لصالح طائفة من المجتمع دون الجمع.
والحاصل : انّه يحترم الجميع ويصدقهم بما انّهم مخبرون ، لا انّه يصدق أخبارهم ويفرضها عين الواقع ، لأنّ ذلك لا يكون إلا لصالح جماعة دون أُخرى.
هذا هو تفسير الآية ، وعليه وردت روايات كلّها تعرب عن أنّ المنافقين كانوا يتهمون النبي بأنّه إنسان ساذج يصدِّق كلّ خبر يصل إليه. روي أنّ عبد اللّه بن نفيل كان منافقاً ، كان يقعد لرسول اللّه فيسمع كلامه وينقله ، ولما أطْلَع اللّه النبي على عمله دعاه رسول اللّه فأخبره ، فحلف انّه لم يفعل ، فقال رسول اللّه : قد قبلت منك فلا تفعل ، فرجع إلى أصحابه فقال : إنّ محمداً أُذن أخبره اللّه انّي أنمّ عليه وأنقل أخباره ، فقبله ، وأخبرته انّي لم أقل ولم أفعل فقبله ؛ فنزلت الآية. (١)
هذا هو تفسير الآية.
٢. في كيفيّة الاستدلال
فقد نقله الشيخ بأنّه سبحانه مدح رسوله بتصديقه للمؤمنين ، بل قرنه بالتصديق باللّه جلّ ذكره ، فإذا كان التصديق حسناً يكون واجباً. (٢) ويزيد في
__________________
١. تفسير القمي : ١ / ٣٠٠ ، بتلخيص.
٢. الفرائد : ٨٢.