تقريب الاستدلال وضوحاً ما رواه في الكافي : انّه كان لإسماعيل بن أبي عبد اللّه دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن ، فقال له أبو عبد اللّه : « يا بُنيّ أمابلغك انّه يشرب الخمر؟ » قال : سمعت الناس يقولون. فقال : « يا بني انّ اللّه عزّوجلّ يقـول : ( يُؤْمـنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنين ) يقول يصدق اللّه ويصدق للمؤمنين ، فإذا شهد عندك المسلمون فصدّقهم ولا تأمن من شارب الخمر ». (١)
٣. ما أورد على الاستدلال من الإشكال
١. إنّ المراد من الأُذن السريع التصديق ، والاعتقاد بكلّ ما يسمع ، فمدحه بحسن ظنه بالمؤمنين وعدم اتهامهم ، فالعمل بقولهم لاعتقاده بصدقه. وأين هو من العمل دون الاعتقاد؟!
يلاحظ عليه : أنّ تفسير الأُذن بسريع الاعتقاد ليس من المحاسن ، لأنّه أشبه بالقطّاع ، أضف إلى ذلك أنّه ربّما لا يمكن الاعتقاد بكلّ ما سمع إذا استلزم الخبران الاعتقاد بالمتضادين.
٢. انّ المراد من التصديق في الآية في مرحلة الكلام من دون تجاوز عنه إلى القلب ، فضلاً عن العمل ، وإلى هذا يرجع ما قلنا :
من أنّ المراد من التصديق ، التصديق المخبرِي ، لا التصديق الخبري ، ويشهد له كلام الإمام لولده إسماعيل ، حيث أمره بتصديق الناس ، وليس المراد تصديق الناس في مورد القرشي جداً على نحو لو تمكن الإمام أجرى عليه الحدّ ، بل الحذر منه والعمل على وفق الاحتياط وعدم دفع المال إليه.
والحاصل : انّ التصديق على قسمين : أخلاقي ، وعملي. والمقصود هنا هو
__________________
١. تفسير البرهان : ٢ / ١٣٨ ـ ١٣٩ ، الحديث ....