يستغني عنهما المتعاملون أباحهما ، فرخّص في السلم ورخص في العرايا مع أنّ كلاًّ منهما حسب الأحكام الشرعية عقد غير صحيح ، لأنّ السلم بيع مبيع غير موجود وقت البيع بثمن حال فهو عقد على معدوم ، وقد نهى صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع المعدوم.
والعرايا : عبارة عن بيع الرطب على النخل بالتمر الجاف ، وهذا لا يمكن فيه التحقّق من تساوي البدلين ، وقد نهى صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الشيء بجنسه متفاضلاً ، ولكن ضرورات الناس دعتهم إلى هذا النوع من التعامل وجرى عرفهم به فراعى الرسول ضرورتهم وعرفهم ورخّص فيه. (١)
أقول : من أين وقف الأُستاذ على أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن بيع المعدوم مع أنّ الوارد هو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ولا بيع ما ليس عندك »؟ (٢)
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ناظر إلى بيع العين الشخصية التي ليست في ملك البائع وإنّما يبيعها ليشتريها من غيره ثمّ يدفعها إليه ومثله لا يشمل بيع السلم.
نعم أطبق العقلاء على عدم اعتبار بيع المعدوم إلا إذا كان للبائع ذمّة معتبرة تجلب اعتماد الغير وكان بيع السلف أمراً رائجاً بين العقلاء إلى يومنا هذا غير انّ الشارع جعلها في إطار خاص
قال ابن عباس : قدم النبي المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين ، فقال : « من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ». (٣)
وأمّا بيع العرايا فلا مانع من أن يكون تخصيصاً لما نهى عن بيع الرطب بالجاف (٤) وقد قيل : ما عام إلا وقد خصّ.
__________________
١. مصادر التشريع الإسلامي : ١٤٦.
٢. بلوغ المرام : برقم ٨٢٠ ، قال وراه الخمسة. وروى أيضاً « ولا تبع ... ».
٣. بلوغ المرام : برقم ٨٧٤.
٤. روى سعد بن أبي وقاص ، قال : سمعت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يسأل عن اشتراء الرطب بالتمر إذا يبس ، فقال : « أينقص الرطب إذا يبس؟ » ، قالوا : نعم ، فنهى عن ذلك. ( بلوغ المرام : برقم ٨٦٥ ).