مثلها.
توضيحه : انّ للّه سبحانه هدايتين : هداية عامة تعمُّ جميع الناس من غير فرق بين إنسان دون إنسان حتى الجبابرة والفراعنة ، وهي تتحقق ببعث الرسل وإنزال الكتب ودعوة العلماء إلى بيان الحقائق مضافاً إلى العقل الذي هو رسول باطني ، وإلى الفطرة التي تسوق الإنسان إلى فعل الخير.
وأمّا الهداية الخاصة ، فهي تختصُّ بمن استفاد من الهداية الأُولى ، فعندئذ تشمله الألطاف الإلهية الخفيّة التي نعبّر عنها بالهداية الثانوية أو الإيصال إلى المطلوب.
قال سبحانه : ( وَالّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُم ). (١)
وقال تعالى : ( وَالّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ). (٢)
وأمّا إذا لم يستفد من الهداية الأُولى ، فلا يكون مستحقّاً للاستفادة من الهداية الثانية ، فيضل بسبب سوء عمله ، فإضلاله سبحانه ، كناية عن الضلال الذي اكتسبه بعمله بالإعراض عن الاستضاءة بالهداية الأُولى.
قال سبحانه : ( فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الفَاسِقِين ). (٣)
فإضلاله سبحانه كإزاغته نتيجة زيغه وانحرافه وكبره وتولّيه عن الحق.
وبذلك يظهر مفاد كثير من الآيات التي تنسب الضلالة إلى اللّه سبحانه ، فالمراد هو انقباض الفيض لأجل تقصيره ، فيصدق انّه أضله سبحانه وإن كان
__________________
١. محمد : ١٧.
٢. العنكبوت : ٦٩.
٣. الصف : ٥.