٤. ما هو الموضوع هو المرفوع
وهناك محاولة رابعة لتخصيص الحديث بالشبهة الموضوعية ، وحاصله : انّ المرفوع في الحديث عبارة عمّا هو الموضوع في سائر الأدلّة ، وبما انّه فيها عبارة عن نفس الفعل ـ لا الحكم ـ فيكون المرفوع أيضاً هو نفسه. والدليل على أنّ الموضوع هو الفعل قوله سبحانه : ( وَعَلَى المَوْلُود لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف ) (١) ، فالموضوع هو فعل الرزق وفعل الكسوة ، وقوله سبحانه : ( وَعَلى الَّذِينَ يُطيقُونَهُ فِديَةٌ طعامُ مِسْكِين ) (٢) ، فالموضوع هو الفدية ، وقوله : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيام ) (٣) ، أو قوله : ( وَللّهِ عَلَى النّاس حِجُّ البَيْت ) (٤) ، فالموضوع هو الصيام والحجّ.
يلاحظ عليه أولاً : أنّ الرفع كما يتعلّق بالفعل كذلك يتعلّق بالتكليف أيضاً ، كما في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع القلم عن ثلاثة » (٥) ، فانّ المراد رفع قلم التكليف ، والمراد انّه لم يكتب عليه شيء من التكاليف ، ولذلك عدّ الفقهاء العقل والبلوغ من شرائط التكليف.
وثانياً : أنّ ما ذكره إنّما يصحّ في غير النسيان ، لأنّه يرتكب في غيره عملاً ، له حكم خاص فيكون نفس الفعل مرفوعاً ، وأمّا فيه فانّه ربما يكون مبدأ لترك الفعل ، كنسيان الصلاة في الوقت ، أو نسيان أجزاء الواجب فلم يصدر من المكلّف أمر
__________________
١. البقرة : ٢٣٣.
٢. البقرة : ١٨٤.
٣. البقرة : ١٨٣.
٤. آل عمران : ٩٧.
٥. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٨ من أبواب مقدمات الحدود ، الحديث ٢ ومرّ الحديث عن صحيح البخاري.