٢. عدم صحّة نسبة المؤاخذة إلى الحكم
إذا اخترنا في الأمر السابق بأنّ المرفوع جداً هو المؤاخذة ، فالظاهر انّ المراد المؤاخذة على نفس هذه المذكورات ، وعلى هذا لو أُريد من الموصول في قوله : « ما لا يعلمون » الفعل المجهول الحقيقة تصح نسبة المؤاخذة إليه ، وإن أُريد الحكم المجهول ، لا تصح نسبتها إليه ، إذ لا معنى للمؤاخذة على نفس الحرمة المجهولة.
يلاحظ عليه أوّلاً : عدم صحّة المبنى ، وإنّ المقدّر ليس المؤاخذة بل عموم الآثار.
وثانياً : لو سلمنا تقدير المؤاخذة ، فإن أُريد من صحّة النسبة ، هي الصحّة بالدقة العقلية ، فالحقّ انّه لا تصح نسبة المؤاخذة لا على الحكم ولا على الموضوع.
أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فانّه لا معنى للمؤاخذة على الخمر وإنّما تصحّ المؤاخذة على شربها واستعمالها ، وإن أُريد منها ، الصحّة بالمسامحة العرفية ، فتصح النسبة إليهما عرفاً.
٣. المرفوع هو الأمر الثقيل
إنّ الرفع يقتضي أن يكون متعلّقه أمراً ثقيلاً ليصح تعلّق الرفع ، والأمر الثقيل هو فعل الواجب أو ترك الحرام ، وأمّا الحكم فهو أمر صادر من المولى فلا ثقل فيه.
يلاحظ عليه : الأحكام من مصاديق التكليف ، وهو من الكلفة ، فلو لم يكن فيها ثقل فكيف يطلق عليها التكليف؟ والشاهد على ذلك وصف الأحكام بالحرج قال سبحانه : ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج ) (١) ، أي لم يجعل حكماً حرجياً.
__________________
١. الحج : ٧٨.