٣. انّ المتجرّي قد لا يصدر عنه فعل إختياري أصلاً ، فمن شرب الماء باعتقاد الخمرية لم يصدر منه ما قصده وما صدر منه لم يقصده بل ولم يخطر بباله. (١)
يلاحظ على الأوّل : أنّ العنوان المقبح في كلامهم ليس هو القطع بالقبح بل الجرأة والتمرد والطغيان أو الهتك والظلم ولا شكّ انّـها من العناوين المقبحة ، ومنه يظهر حال الوجه الثاني فانّه مبني على كون العنوان القبيح هو القطع ومضافاً إلى ما في إنكار كون القطع مورداً للالتفات إجمالاً ، فانّ الالتفات إجمالاً إلى العلم ممّا لا ينكر.
ويلاحظ على الثالث انّه يكفي في صدور الفعل الاختياري ، كون الجامع بين الخمر والماء مورداً للالتفات وهو شرب المائع ، فكيف يقال انّه لم يصدر منه ، ولذلك يبطل صومه بشرب ما قطع كونه خمراً وهو ماء.
ومع ذلك كلّه ، فالحقّ مع المحقّق الخراساني انّ الفعل المتجرّى به باق على ما هو عليه ، لأنّ العناوين المقبحة لا تتجاوز عن خمسة : ثلاثة منها قائمة بالجنان ، كالجرأة ، والعزم على المعصية والطغيان ، وقبحها لا يسري إلى الفعل لكونها من الأُمور القلبية والفعل كاشف عنها ؛ واثنان منها الظلم والهتك وإن كانا قائمين بالفعل لكنّهما يختصان بالمعصية فالظلم على المولى بنقض قانونه ، والمفروض عدمه مثله والهتك بمعنى خرق الستر فانّه من خصائص المعاصي.
في حرمة الفعل المتجرّى به
قد عرفت أنّ الفعل المتجرّى به باق على ما كان عليه من الحسن والقبح إنّما الكلام في حرمته شرعاً لا باستكشاف حرمته من قبحه ، لما عرفت من عدم قبحه بل بوجهين تاليين :
__________________
١. تعليقة المحقّق الخراساني على الفرائد : ١٣.