فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاء ). (١)
والجواب بوجهين : أوّلاً : انّ الآية كبرى كلية لما مرّفي الآية المتقدمة ، أعني : قوله سبحانه : ( وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادة وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ). (٢) ممّا يجب إظهارها ويحرم كتمانها وليست نية المعصية من مصاديق هذه المقولة ممّا يجب إظهارها ويحرم كتمانها.
وثانياً : انّ القدر المتيقن من الآية ، الأُمور التي لها رسوخ في النفس كالإيمان والكفر ، والملكات الفاضلة أو الرذيلة ، ولا تعم الأُمور الآنيّة كنية العصيان التي تأتي وتزول.
٢. قوله سبحانه : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسئُولاً ). (٣)
يلاحظ على الاستدلال : أنّ ظاهرها انّ لكلّ من السمع والبصر والفؤاد وظائف وأحكاماً يكون كلّ منها مسؤولاً عنها ، وهذه الضابطة أمر مسلم ، انّما الكلام في الصغرى وهي هل الفؤاد مسؤول عن حرمة نيّة المعصية إذا نواها وإن لم يرتكبها؟ فلم يدلّ دليل عليه.
والحاصل : انّ الكبرى لا تدل على الصغرى أي كون الفؤاد مسؤولاً عنه لا يدل على أنّه يسأل حتّى عن نيّة المعصية ، نعم هو مسؤول عن الإيمان والكفر والنفاق وغيرها ممّا دلّ الدليل القطعي على أنّها من وظائفه ، نعم لو ثبت انّ الفؤاد مسؤول عن كلّ ما يرجع إليه ، يكون هذا دليلاً على حرمة نيّة الجرأة.
٣. ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ
__________________
١. البقرة : ٢٨٤.
٢. البقرة : ٢٨٣.
٣. الاسراء : ٣٦.