أكان معلومه متقدماً على معلوم العلم الإجمالي ، أم مقارناً مع معلومه ، نعم لا يشترط تقدّم العلم.
وبذلك يظهر عدم تمامية ما ذكره المحقّق الخراساني من كون الانحلال حكمياً لا حقيقياً وقد ذكره في جواب الإشكال الذي أورده على نفسه ، وإليك الإشكال والجواب.
أمّا الأوّل : انّ الانحلال يتم على القول بالسببية وأنّ قيام الأمارة موجب لثبوت التكليف ـ وهو تصويب ـ ، وأمّا على القول بالطريقية وأنّ مفاد أدلّة حجّية الخبر الواحد ، هو التنجّز إذا أصاب والعذر عندما أخطأ فلا انحلال لما علم إجمالاً.
وأمّا الثاني فلانّه يكفي في الانحلال نهوضُ الحجّة على ما ينطبق عليه المعلوم بالإجمال في بعض الأطراف وانّه يكون عقلاً بحكم الانحلال. ولولا ذلك ، لما يجدي القول باعتبار الأمارات من باب السببية ضرورة انّ كون المؤديات أحكاماً شرعية فعلية ، إنّما تكون كذلك بسبب حادث وهو كونها مؤديات الأمارات الشرعية. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه وإن كان متيناً ، لكن وصفه الانحلالَ بالحكمي ليس بتام ، لما عرفت من بقاء العلم الإجمالي فرع أحد الأمرين إمّا الترديد أو بقاء القضية بصورة المنفصلة ، والمفروض ارتفاعهما ، مطلقاً سواء كان المعلوم بالتفصيل ، معلومَ الانطباق على المعلوم إجمالاً أو مظنونه أو محتمله ، كما لا يخفى.
نعم لو كان الميزان في الانحلال هو العلم بالواقع وانّ الحرام في ذاك الطرف دون الآخر كان للقول بالانحلال الحكمي مجال ، وذلك لعدم العلم بأنّ الواقع
__________________
١. كفاية الأُصول : ٢ / ١٨٨.