ويقابله القول بالإباحة ، وهو المشهور بين القدماء ، فلا يستدل بما هو محلّ الخلاف على المقام.
٢. سلمنا ذلك ، لكن الدليل بعد مجيئ الشرع دلّ على الإباحة ، وما ذكره من وجود التعارض بين الأدلّة بعد الشرع قد عرفت خلافه وعدم تمامية أدلّة القائلين بالاحتياط.
٣. لا ملازمة بين القول بالتوقف في تلك المسألة ، والاحتياط في مسألتنا ، وذلك لأنّ كون الحظر هو المحكّم قبل مجيئ الشرع ، لا يكون دليلاً على أنّه المحكم بعد مجيئ الرسل وإنزال الكتب ، فإذا لم نجد دليلاً على الحرمة يكون المحكّم هو العقل الحاكم بقبح العقاب بلا بيان ، لا القاعدة المختصة بما قبل الشرع ، وهذا هو الوجه لعدم الملازمة. ولكن ذكر المشكيني وجهاً آخر له وهو اختلاف المسألتين في الموضوع ، فانّ الموضوع في الأوّل هو فعل المكلِّف والأفعال الصادرة عن المكلّفين بخلافه في الثانية ، فانّه عبارة عن فعل المكلّف ، وانّه هل يجوز العقاب على الحكم المجهول أو لا. (١)
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ دليل الأخباري مركّب من صغرى وهو كون العالم ملكاً للّه سبحانه ، وكبرى وهو انّ التصرف في ملك الغير بلا إذنه قبيح.
أمّا الصغرى فالحقّ فيها التفصيل ، فإن أُريد منها ، المالكية التكوينية النابعة من خالقيته سبحانه فهو موضع اتّفاق قال سبحانه : ( وَللّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللّهُ عَلى كُلِّ شَيْء قَدِير ). (٢) وقوله : « يخلق » كأنّه بمنزلة التعليل لقوله ( ملك السّماوات ).
وإن أُريد المالكية الاعتبارية العقلائية فغير صحيح ، لأنّه إنّما يتم في حقّ
__________________
١. هذا ما نقله المشكيني عن أُستاذه في درسه الشريف.
٢. المائدة : ١٧.