لكن لا دليل على أنّه كذلك ، وقد مرّ انّ التذكية عبارة عن الفري مع أجزاء وشروط خاصة ، وقد ثبت شرطية ما ثبت ، ويكون المرجع في غيره ، هو البراءة.
ثمّ إنّ المحقّق الخوئي ذهب إلى عدم صحّة الرجوع إلى إطلاق دليل التذكية لنفي المشكوك قائلاً بأنّها ليست أمراً عرفياً كي ينزل الدليل عليه ويُدفع احتمال التقييد بالإطلاق ، كما كان الأمر كذلك في مثل قوله تعالى : ( أحلَّ اللّهُ البَيْع ) (١). (٢)
يلاحظ عليه : بعدم وضوح الفرق بين الأمرين بعد شيوعهما في العرف ، فكما أنّ تقييد البيع بشروط لا يخرجه من كونه أمراً عرفياً فهكذا تقييد التذكية ببعض الأُمور كذلك ، ولعلّ منشأ الخلط بين التذكية بالذال المعجمة ، والتزكية بالزاء أُخت الراء ، فالأُولى بمعنى الفري والذبح ، والثانية بمعنى الطهارة والتنزيه ، قال سبحانه : ( وَنَفْس وَما سَوّاها * فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّيها ) (٣). فهي بالمعنى الثاني ليس أمراً عرفياً ، بخلاف التذكية في المقام فهو أمر عرفي غاية الأمر أضاف الشارع إليها شروطاً كنفس البيع.
أمّا الثاني : أي مقتضى الأصل ، فالأصل البراءة لكون المقام من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر فيرفع شرطية الأمر المشكوك أو مانعيته بالأصل.
فإن قلت : لماذا لا يجري الأصل في ناحية التذكية ، فيتمسك بأصالة عدم التذكية؟
قلت : لا شكّ في تحقّق التذكية إنّما الكلام في اشتراطها بوجود شيء أو عدمه الذي هو عبارة أُخرى عن مانعية الشيء الموجود.
__________________
١. البقرة : ٢٧٥.
٢. مصباح الأُصول : ٢ / ٣١٣.
٣. الشمس : ٧ ـ ٩.