فتلخص من مجموع ما ذكرناه : أنّه لا تجري أصالة التذكية في كلتا الصورتين لاختلاف القضيتين المتيقنة والمشكوكة ، وعندئذ تصل النوبة إلى الأُصول الحكمية فلا تجري أصالة الحلية ، لأنّ الأصل في اللحوم الحرمة ، وتجري أصالة الطهارة لأنّ الأصل في الأشياء الطهارة الذاتية فتتبعها الطهارة الشرعية.
الصورة الثالثة والرابعة
إذا شكّ في شرطية شيء في التذكية ككون آلة الذبح حديداً ، أو شكّ في مانعية لها كالجلل مع ورود الذبح على الحيوان بعامة ما ثبت اعتباره ، فيقع الكلام في مقامين :
١. ما هو مقتضى الدليل الاجتهادي؟
٢. ما هو مقتضى الأُصول العملية إذا لم يكن هناك دليل اجتهادي؟
أمّا الأوّل : فالظاهر صحّة التمسّك بالإطلاق في نفي الشرطية والمانعية ، لأنّ الحلية تعلّقت بالمذكّى في الآية والرواية ، قال سبحانه : ( وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاّما ذَكَّيْتُمْ ) (١) وقوله : « إلا ما يكون ذكياً ذكّاه الذابح » (٢) ، وليست التذكية في اللغة إلا الفري مع قابلية في الحيوان ، والمفروض صدق الأمرين وتحقّقهما ، فإذا شكّ في شرطية زائد أو مانعيته فالأصل عدمهما.
نعم من قال بأنّ التذكية أمر بسيط حاصل من الأُمور الستة ، يكون الشكّ من قبيل الشكّ في المحصِّل ، نظير ما إذا قلنا بأنّ الطهور عبارة عن الطهارة النفسانية ، وتكون الغسلات والمسحات مع سائر الشرائط من قبيل المحصِّلات ، فيكون المرجع هو الاشتغال في كلّ ما شكّ في شرطيته أو مانعيته.
__________________
١. المائدة : ٣.
٢. الوسائل : ٣ ، الباب ٢ من أبواب لباس المصلي ، الحديث ١.